على الساحل الشمالي لمملكة البحرين، وبجوار قلعة تاريخية شامخة تنطق بعبق القرون، ينتصب متحف قلعة البحرين كتحفة معمارية تحتضن بين جدرانها آلاف السنين من الحكايات والكنوز. افتُتح المتحف في فبراير عام 2008 ليكون حامياً لذاكرة الموقع، ويحافظ على ملامحه التاريخية، ويوثق الحضارات التي تعاقبت على هذه الأرض، من حضارة دلمون حتى العصر الإسلامي.
جدول المحتويات
نافذة على موقع عالمي
متحف قلعة البحرين ليس مجرد مبنى مرفق بقلعة، بل هو جزء من موقع قلعة البحرين المُدرج على قائمة التراث العالمي لليونسكو منذ عام 2007. موقع لم يكن يومًا موطئ قدم عادي، بل كان العاصمة النابضة لحضارة دلمون القديمة وميناءً نشطًا يربط بين حضارات بلاد الرافدين ووادي السند، وشاهدًا على تعاقب حضارات عظمى كالعيلاميين، والكاشيين، والآشوريين، والفرس، والبابليين، وأخيرًا الوجود الإسلامي.

كيف تبدو الرحلة داخل المتحف؟
هل تساءلت يومًا كيف يكون استكشاف سبعة آلاف عام من التاريخ في خطوات قليلة؟ عند دخولك متحف قلعة البحرين، تبدأ رحلة زمنية فريدة عبر خمس صالات عرض رئيسية موزعة على طابقين. كل قاعة تحكي فصلًا من التاريخ، كما تقدّم المعروضات بتسلسل زمني دقيق ينسج الماضي بحروف أثرية أصيلة:
- قاعة دلمون: تشكل هذه القاعة نافذتك إلى حضارة ازدهرت في الألفية الثالثة والثانية قبل الميلاد. يمكن للزائر مشاهدة أختام فريدة، وأوانٍ فخارية، وأدوات نحاسية، ومجوهرات مميزة. كل قطعة تروي جانبًا من حياة مزدهرة كانت تربط بين قارات.
- قاعة الفترة الإسلامية: تسلط الضوء على الإرث الإسلامي للموقع، بدءًا من الفتح وحتى العصور الحديثة، عبر العمارة الإسلامية، العملات، المخطوطات، والأواني الخزفية المزخرفة.
- قاعة القلعة: تأخذ الزائر في رحلة داخل تاريخ قلعة البحرين نفسها. تعرض فيها مخططات وصور وقطع أعيد اكتشافها داخل أسوار القلعة. تكشف هذه المعروضات عن الدور العسكري والإداري الذي أدّته القلعة عبر العصور.
- قاعة الاستكشافات الأثرية: تقرّب هذه القاعة الزائر من نبض العمل الأثري اليومي. تستعرض أحدث الاكتشافات وتحليلات الفرق المحلية والدولية. كما تقدم شروحات مبسطة توضح أهمية الحفريات في كشف الأسرار الدفينة.
- القاعة الخامسة: تخصّص لتوثيق الحقب التاريخية الأخرى. تستعرض القاعة قطعًا أثرية نادرة تتكامل مع ما يعرض في بقية القاعات. هذا التسلسل يمنح الزائر لوحة متكاملة تبرز عمق الموقع التاريخي.

تصميم يدمج بين الجمال والطبيعة
ما يميّز المتحف ليس فقط ما يحويه، بل كيف صمم ليعانق البيئة المحيطة. يتميز بتصميم ثلاثي يتناغم مع المشهد الطبيعي المحيط، ويخلق علاقة بصرية مدهشة بين الداخل والخارج. الواجهة الخلفية تطل على البحر، بينما الممرات تربط القاعات بإطلالة مباشرة على قلعة البحرين. الباحة الرئيسية تعد قلب المتحف، تفتح ذراعيها لاستقبال الزوار، ويتصل بها مقهى أنيق يطل على الواجهة البحرية، ليمنحك فرصة للاستراحة في مشهد لا يُنسى.

ما الذي يمكن أن تفعله هنا غير مشاهدة الآثار؟
- جولة بانورامية على مسار الحصن: بعد الانتهاء من زيارة المتحف، يمكن للزائر الاستمتاع بجولة على المسار المخصص حول قلعة البحرين. تنتظر في هذا المسار مشاهد بانورامية تأسر العين وتكمل تجربة المكان.
- تذوق لحظات الهدوء في المقهى: يوفّر مقهى المتحف، بمقاعده الداخلية والخارجية، تجربة استرخاء مميزة. يفتح يوميًا من 9 صباحًا حتى 9 مساءً، ويقدّم مشهدًا ساحرًا على البحر والقلعة.
- اقتناء هدية تذكارية: متجر الهدايا يفتح من الثلاثاء إلى الأحد، من 8 صباحًا حتى 8 مساءً، ويضم تشكيلة من الكتب والمطبوعات والهدايا المرتبطة بتاريخ البحرين.
- حضور فعالية ثقافية: في قاعة المحاضرات تنظَّم أنشطة وورش عمل وبرامج تعليمية تناسب جميع الأعمار، في أجواء تعزز الوعي بالتراث الوطني.
- زيارة القلعة: تفتح قلعة البحرين نفسها أبوابها للزيارة يوميًا من الساعة 8 صباحًا وحتى 6 مساءً، وتوفر تجربة متكاملة تكمّل ما شاهدته داخل المتحف.
- الاستعانة بأجهزة الإرشاد السمعي: لتجربة أكثر عمقًا، تتوفر أجهزة سمعية بثلاث لغات (العربية، الإنجليزية، الفرنسية) تشرح الموقع الأثري أثناء جولتك.

أوقات عمل المتحف
من الثلاثاء إلى الأحد، من 8:00 صباحًا حتى 8:00 مساءً (مغلق يوم الاثنين).
زيارة لا تُنسى في قلب البحرين
متحف قلعة البحرين ليس مجرد محطة سياحية، بل تجربة تُحاكي الحواس وتأخذك إلى عصور خلت. بين المعروضات الغنية، والمناظر الطبيعية، والمرافق المتكاملة، ستشعر بأنك في حضرة التاريخ، تستنشق عبقه وتقرأ سطوره المكتوبة على الأحجار والجدران. هنا، حيث يلتقي البحر بالتاريخ، تنتظرك قصة لا تشبه غيرها، وذكرى تستحق أن تُروى.