دار الباشا في مراكش .. تحفة معمارية تنطق بتاريخ المدينة

في قلب المدينة العتيقة لمراكش، حيث الأزقة الضيقة تحتفظ بأسرارها، يتربع قصر دار الباشا كجوهرة معمارية وتاريخية نادرة. ليس مجرد مبنى قديم، بل هو قصة متكاملة تنسج خيوطها بين جمال العمارة، وعبق التاريخ، وثراء الثقافة المغربية.

من كان الباشا الذي سكن هذا القصر؟

شيّدت دار الباشا عام 1910 لتكون مقر إقامة التهامي الكلاوي. وفي عام 1912، عيّنه السلطان مولاي يوسف باشا لمراكش. خلال تلك السنوات، عاشت الدار أوج نفوذها السياسي واستقبلت شخصيات عالمية لامعة، من بينهم ونستون تشرشل وتشارلي شابلن.

كان القصر آنذاك انعكاسًا للهيبة السياسية والبذخ المعماري، وحتى اليوم، لا يزال ينبض بروح تلك الحقبة.

لماذا يعد متحف الروافد وجهة لا تفوّت؟

في 9 يوليو 2017، تحوّل القصر إلى متحف يعرف بـ”دار الباشا – متحف الروافد”، بإشراف مؤسسة المتاحف الوطنية المغربية. ومنذ ذلك الحين، أصبح صرحًا ثقافيًا يحتفي بتلاقي الحضارات.

علاوة على ذلك، يمنح الزائرين تجربة غامرة تستعرض التعدد الثقافي المغربي وعلاقاته المتشعبة مع إفريقيا، والبحر الأبيض المتوسط، والشرق الأوسط.

سحر العمارة… حيث الجمال في كل تفصيلة

يتجلّى الفن المغربي الأصيل هنا في أدق تفاصيله. يتوسط القصر فناء مزين بأشجار البرتقال ونافورة من الرخام الهادئ. كما تحيط به ست غرف بتناظر هندسي يُجسّد روح الرياض الكلاسيكي.

كما تُزيّن الجدران بزليج فسيفسائي متقن. وتُكمّل الأسقف الخشبية المنحوتة يدويًا والمطلية بأصباغ طبيعية هذا الجمال المعماري. بالإضافة إلى ذلك، تضيف الأرضيات البيضاء والسوداء لمسة من الترف المتناغم مع الطابع التقليدي.

أقسام لاكتشاف تاريخ المغرب المتعدد الروافد

يتوزع دار الباشا في مراكش إلى أقسام رئيسية تقدم رحلة ثقافية متكاملة:

  • الفنون والحرف المغربية: حيث تتجلى براعة الصانع المغربي في السجاد البربري، والخزف الفاسي، و كذلك المجوهرات، والأزياء التقليدية.
  • الروابط الإفريقية: من خلال معروضات تعكس التأثيرات المتبادلة بين المغرب وإفريقيا جنوب الصحراء، مثل الأقنعة، الأدوات، الأسلحة، والمنسوجات.
  • التفاعلات المتوسطية والشرقية: وتعرض فيه قطع أثرية نادرة تبرز التبادل الثقافي والتجاري مع حضارات البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط.
  • الموسيقى والتقاليد الشفهية: معرض يخلّد التراث الشفهي المغربي من خلال آلات موسيقية وتسجيلات صوتية ومرئية، توثق غنى الفولكلور المغربي.

تجربة ثقافية متكاملة تنتظرك هنا

زيارة دار الباشا في مراكش ليست مجرد مشاهدة معروضات خلف زجاج. بل هي تجربة ثقافية متكاملة:

  • تأمل في فنون العمارة، واستمتع بجمال الزخارف والنوافير والحدائق الداخلية.
  • استكشف روافد الهوية المغربية عبر معروضات فريدة تروي تاريخاً تراكميًا.
  • احضر فعاليات ثقافية حية، من معارض مؤقتة وورش عمل فنية، إلى محاضرات وندوات.
  • استرخِ في المقهى داخل فناء القصر، حيث تقدّم قهوة الأرابيكا وسط أجواء تاريخية فاتنة.

من قلب التاريخ… إلى تفاصيل الحياة اليومية في القصر

لم يكن دار الباشا في مراكش مجرد مقر للباشا، بل كان عالمًا متكاملًا. يحتوي على حمام تقليدي بأنظمة مائية متطورة، ومكتبة عامرة، وفضاء خاص لعائلة الباشا يعرف بالجناح العائلي.

بالإضافة إلى ذلك، تشمل مرافقه “الدويرية” التي كانت مخصصة للخدم. هذا التوزيع الدقيق يعكس الترف والتنظيم الذي ميز حياة المقيمين فيه.

معلومات تهم الزائر

الخدمات: جولات مصحوبة بمرشدين، متجر للهدايا التذكارية، ومقهى.

الموقع: المدينة العتيقة، درب الباهية، رياض زيتون الجديد، قرب ساحة جامع الفنا.

ساعات العمل: من الثلاثاء إلى الأحد، من الساعة 10 صباحًا حتى 6 مساءً. لكنه يغلق يوم الاثنين.

رسوم الدخول: 60 درهمًا للزوار الأجانب و25 درهمًا للمواطنين المغاربة. كما تتوفر تخفيضات للأطفال والطلبة، مع دخول مجاني للطلاب أيام الأربعاء.

نقترح لك ايضاً: حديقة أنيما في مراكش: تجربة فنية وطبيعية فريدة

اذا اعجبك هذا المقال ، لا تتردد في مشاركته مع اصدقائك!