في قلب بيروت النابض بالحضارة والتاريخ، يقف جامع الأمير منصور عساف شاهدًا على عراقة العمارة الإسلامية وأصالة الإرث العثماني. يعرف أيضًا باسم جامع السرايا، ويعد أحد أبرز المعالم التاريخية والدينية في المدينة، حيث يروي تفاصيل قرون من التراث اللبناني والإسلامي.
جدول المحتويات
تاريخ الجامع وبناؤه
النسبة والتأسيس: ينسب الجامع إلى الأمير منصور بن حسن بن عساف التركماني، الذي حكم منطقة امتدت من نهر الكلب إلى حماه بين عامي 1552 و1580م.
تاريخ البناء: شُيّد جامع الأمير منصور عساف في بيروت عام 1597م، ويُعد من أقدم المساجد التاريخية في المدينة.
سبب التسمية: يعرف الجامع باسم جامع السرايا لقربه من سراي الأمير عساف، الذي كان مقر الحكم في بيروت. كما ارتبط اسمه بـ”دار الولاية”، في إشارة إلى القصر الذي أنشأه الأمير فخر الدين المعني الثاني، والذي كان مركزًا للحكم في المدينة.

موقعه المميز
يتمتع الجامع بموقع استراتيجي وسط المدينة القديمة لبيروت، حيث يقع شرق الجامع العمري الكبير، عند مدخل سوق سرسق، مقابل الزاوية الجنوبية الشرقية لمبنى بلدية بيروت.
عبقرية التصميم والعمارة
يعد جامع الأمير منصور عساف تحفة معمارية تتجلى في تفاصيلها عناصر العمارة العثمانية الأصيلة:
المساحة والتخطيط: يمتد على مساحة 667 مترًا مربعًا، ويتكون من مدخل واسع ومسجد رئيسي.
المدخل: عبارة عن رواق طوله 16.5 مترًا وعرضه 5.4 مترًا. يفتح على ساحة المسجد عبر ثلاثة عقود مدببة تستند إلى دعامتين ضخمتين من الحجر الجيري.
السقف والقباب: يعلو الجامع خمس قباب. تتوسطها قبة رئيسية زينت من الداخل بنقوش تحمل أسماء الله الحسنى، تعكس روعة الفن الإسلامي.
المئذنة: تتميز المئذنة بتصميمها الأسطواني الأنيق، إذ يبلغ ارتفاعها 17 مترًا. وتنتهي بمخروط نحاسي يبلغ 2.9 متر، يعلوه هلال نحاسي، في مشهد يجسد الطابع العثماني المميز.

الأهمية الدينية والثقافية
يحتفظ جامع الأمير عساف بمكانته كأحد المراكز الروحية والثقافية المهمة في بيروت:
مكانة دينية: يستوعب المسجد نحو 800 مصلٍّ، حيث تقام فيه الصلوات الخمس، إضافة إلى المناسبات الدينية المختلفة.
مركز علمي وثقافي: يحتضن الجامع دروسًا دينية، وحفلات الذكر والموالد النبوية، خاصة خلال شهر رمضان المبارك.
أنشطة خيرية: يساهم الجامع في خدمة المجتمع من خلال تقديم وجبات الإفطار اليومية للصائمين. و خاصة المحتاجين والفقراء.

التجديد والترميم
نظرًا لقيمته التاريخية، أدرج الجامع ضمن الأبنية الأثرية بمرسوم جمهوري صدر في 16 يونيو 1936م، مما ساهم في حمايته والحفاظ عليه. كما خضع لعملية ترميم شاملة عام 2001م بجهود جمعية العزم والسعادة الاجتماعية، والتي شملت إنشاء مصلى خاص للنساء، ومكتبة زاخرة بالكتب القيمة.
نصائح للزوار
للاستمتاع بزيارة سلسة إلى هذا المعلم التاريخي، ينصح باتباع الإرشادات التالية:
- أفضل وقت للزيارة: يفضَّل التوجه إلى الجامع في الصباح الباكر أو بعد الظهر لتجنب الازدحام.
- احترام آداب الدخول: يجب ارتداء ملابس محتشمة عند زيارة المسجد.
- التصوير: يمكن للزوار التقاط الصور، مع مراعاة احترام أجواء العبادة وعدم إزعاج المصلين.

تحفة معمارية تستحق زيارتك
يعَدُّ جامع الأمير منصور عساف أكثر من مجرد مكان للعبادة، فهو تحفة معمارية نابضة بالحياة، وذاكرة شاهدة على تاريخ بيروت العريق. زيارته تتيح للمتجول فرصة فريدة لاكتشاف جمال العمارة الإسلامية وملامح الحياة الثقافية والدينية في العاصمة اللبنانية.