ينتصب جامع أحمد الفاتح في البحرين شامخًا في قلب عاصمتها المنامة. يجسّد الجامع رمزًا للإيمان، وواحةً للسكينة، وتحفةً معمارية تأسر الأبصار. لا يقتصر دوره على كونه مكانًا للعبادة. بل يعكس جماليات العمارة الإسلامية، ويُعد وجهة سياحية مفتوحة لكل من يتوق لاكتشاف الروح الثقافية والدينية للبحرين.
جدول المحتويات
كيف وُلد هذا الصرح العظيم؟
تم وضع حجر الأساس للجامع في 15 ديسمبر عام 1983، قبل أن يفتتح رسميًا عام 1988 على يد الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، حاكم البحرين آنذاك. وقد أطلق عليه اسم “أحمد الفاتح” تيمنًا بمؤسس الدولة الخليفية في البحرين، ليكون الجامع تخليدًا للتراث الديني ورؤية طموحة لتعزيز مكانة الإسلام في قلب المجتمع.

تصميم يسرق الأنفاس وقبة هي الأكبر عالميًا
يمتد المسجد على مساحة 6,500 متر مربع، ويتسع لأكثر من 7,000 مصلٍ، ما يجعله الأكبر في البحرين ومن بين أكبر المساجد في العالم. تتوّج سقفه قبة ضخمة مصنوعة بالكامل من الألياف الزجاجية (الفايبرجلاس)، تعد الأكبر عالميًا من نوعها، بوزن يتجاوز 60 طنًا وقطر يصل إلى 24 مترًا. هذه القبة لا تكتفي بالإبهار البصري، بل تسمح بمرور الضوء الطبيعي لتُضفي على المصلى هالة من النور والسكينة.
ومن أبرز التفاصيل الفاخرة في المسجد: أرضيات مصنوعة من الرخام الإيطالي. كما تتدلّى من السقف ثريات كريستالية مذهلة جرى جلبها من النمسا. وتضم مداخل المسجد أبوابًا ضخمة نحتت من خشب الساج الهندي المتين. أما جدران الجامع، فقد زينت بالخط الكوفي، أحد أقدم وأجمل الخطوط العربية، في انسجام فني ينبض بالأصالة.

مئذنتان وسقف من الزخارف… العمارة التي تنطق بالجمال
يكمّل المشهد المعماري المئذنتان الشاهقتان اللتان تزينان أفق الجفير، حيث يقع المسجد. ويظهر التوازن بين عراقة العمارة الإسلامية وحداثة التنفيذ في كل زاوية: من النقوش والزخارف الدقيقة التي تكسو الجدران والأسقف، إلى الأروقة الفسيحة التي تخلق فضاءً رحبًا للخشوع والتأمل.

ماذا ينتظرك داخل مركز أحمد الفاتح الإسلامي؟
لا تنتهي التجربة عند قاعة الصلاة. يضم الجامع مركزًا إسلاميًا متكاملاً يحتوي على مكتبة غنية تضم نحو 7,000 كتاب، تعود بعض مخطوطاتها لأكثر من قرن من الزمن، وتتنوع موضوعاتها بين الحديث النبوي، الفقه، التفسير، والسير، بالإضافة إلى مجلات علمية وثقافية ودوريات نادرة. كما يضم المركز معهدًا للدراسات الإسلامية ومدرسة لتحفيظ القرآن الكريم، مما يجعله منارة علم وروحانية.

وجهة سياحية لا تفوّت لكل من يعشق الاستكشاف
يمثل جامع أحمد الفاتح البحرين نقطة جذب أساسية في خريطة السياحة الدينية والثقافية في البلاد، إذ لا يفتح أبوابه للمصلين فحسب، بل يرحّب كذلك بالزوار من مختلف الجنسيات والأديان. أما بالنسبة لأوقات الزيارة الرسمية، فهي تمتد من السبت إلى الخميس، من الساعة 9 صباحًا حتى 4 مساءً، بينما يغلق الجامع أمام الزوار يوم الجمعة. كما تنظم الجولات الإرشادية بواسطة مرشدين محترفين، وتقدم بعدة لغات، من بينها العربية، والإنجليزية، والفرنسية، والفلبينية، والروسية.
أثناء الجولة، يستمتع الزوار بمشاهدة التحف الفنية والكتابات الإسلامية، والتعرف على تفاصيل العمارة التي تشهد على الإبداع الفني الإسلامي. كما تتيح الزيارة فرصة نادرة للتأمل في الروحانية التي تسكن المكان، والتعمق في فهم الثقافة البحرينية وقيم الإسلام السمحة.

نصائح وإرشادات تهم الزائر
- الموقع: يقع الجامع في منطقة الجفير، المنامة، ويمكن الوصول إليه بسهولة.
- أوقات الزيارة: من السبت إلى الخميس، من الساعة 9 صباحًا حتى 4 مساءً. يفضل التحقق من الأوقات الرسمية خلال العطل والمناسبات.
- اللباس المناسب: يرجى ارتداء ملابس محتشمة، وتغطية الرأس للنساء احترامًا لقدسية الموقع.
- التصوير: مسموح به داخل المسجد، ما يمنحك فرصة لالتقاط صور ساحرة لتفاصيل العمارة والزخرفة.
- الخدمات: تتوفر مواقف للسيارات، ودورات مياه مهيّأة للزوار.

زيارة ستبقى في الذاكرة
في نهاية جولتك داخل جامع أحمد الفاتح البحرين ، ستدرك أنك لم تدخل مجرد مسجد، بل صعدت سلّمًا إلى فضاءٍ من الجمال الروحي والثقافي. سواء كنت من محبي العمارة، أو من هواة التاريخ، أو ممن يبحثون عن لحظات من التأمل والسكينة، فإن هذا الصرح سيوفّر لك تجربة لا تنسى. دع خطواتك تقودك إلى هناك، فربما تجد ما يتجاوز التوقعات.
