على مرمى حجر من صخب جامع الفنا ودروب السوق العتيق، تختبئ “الحديقة السرية” في مراكش كأنها سرّ محفوظ بعناية وسط قلب المدينة الحمراء. تحيط بها جدران تعود إلى قرون مضت، لكن ما إن تخطو بوابتها حتى يتبدد الإحساس بالزمن، وتغدو في حضرة تناغم مدهش بين الفن الإسلامي والطبيعة.
جدول المحتويات
مزيج من التاريخ والبهاء المغربي
تعود أصول الحديقة السرية في مراكش إلى العصر السعدي في القرن السادس عشر، وقد أعيد ترميمها في القرن التاسع عشر على يد القائد الحاج عبد الله أو بيهي، الذي حافظ على التصميم السعدي الأصيل. وقد حافظت على طابعها الأصيل بفضل الترميم الدقيق الذي خضعت له في السنوات الأخيرة، فغدت شاهداً حياً على البصمة المعمارية الإسلامية التي تزاوج بين الوظيفة والجمال.
في قلبها ينبض اثنان من الحدائق: إحداهما تقليدية مغربية والثانية ذات طابع استوائي. وتعد الأولى مثالًا مثاليًا على “الحديقة الإسلامية” التي تتمحور حول الماء، حيث تتوزع أحواض المياه بتماثل هندسي وتُحيط بها نباتات عطرية وأشجار مثمرة مثل الرمان والليمون والبرتقال. أما الحديقة الاستوائية فتعج بأنواع نباتية من أقاصي آسيا وأمريكا الجنوبية، ما يخلق تباينًا ساحرًا في الألوان والروائح.

ما الذي يجعل هذه الحديقة مختلفة عن سواها؟
ليست مجرد مساحة خضراء بل تجربة حسية وروحية. فهي تحتفي بهدوء التأمل الذي تمنحه المياه الرقراقة، وظلال الأشجار، والعمارة الدقيقة التي تتجلى في الأقواس والزليج والنقوش الجبسية. كل ركن فيها يهمس بقصة، وكل ممر يبدو كدعوة للانصراف عن العالم الخارجي والانغماس في لحظة صفاء.
هل يمكن اعتبارها متحفًا مفتوحًا؟
بلا شك، فهي ليست حديقة بالمعنى التقليدي فحسب، بل أيضًا موقع ثقافي بامتياز. تضم برجًا فخمًا يمكن للزوار صعوده لاكتشاف منظر بانورامي للمدينة العتيقة ومآذنها. كما تحتوي على فضاء للمعارض المؤقتة، حيث تعرض أعمال فنية وصور فوتوغرافية توثق لتاريخ مراكش وتراثها النباتي والمعماري.

مقهى بطابع شاعري وسط الجنان
لن يكتمل المشهد دون التوقف في مقهى الحديقة، الذي يتميز بأجوائه الهادئة وإطلالته الساحرة على الأشجار والنوافير. سواء اخترت شاي النعناع التقليدي أو عصير الليمون المنعش، فستحظى بلحظة استراحة تحاكي روح المكان: بسيطة، راقية، ومتصلة بالطبيعة.

معلومات عملية
تقع الحديقة السرية في مراكش في قلب المدينة القديمة، قرب جامع المواسين، وقد تم افتتاحها للزوار لأول مرة في عام 2016 بعد عملية ترميم شاملة. يوصى بزيارتها في الصباح الباكر أو قبيل الغروب لتجنب الزحام والتمتع بالإضاءة الطبيعية التي تضفي على المكان سحرًا خاصًا. يوجد رسم دخول رمزي يستخدم في صيانة الحديقة وتمويل برامجها الثقافية، ما يعكس اهتمامها بالاستدامة والتراث.
أما تسميتها بـ”الحديقة السرية”، فقد أطلقها أحد القائمين على ترميمها نظرًا لكونها كانت غير معروفة تقريبًا قبل افتتاحها، وكأنها سر دفين وسط المدينة العتيقة.
اوقات الزيارة
تفتح الحديقة السرية في مراكش ابوابها يوميًا طيلة العام، وتختلف ساعات العمل بحسب الموسم:
– في شهري فبراير وأكتوبر: من 9:30 صباحًا حتى 6:30 مساءً
– من مارس إلى سبتمبر: من 9:30 صباحًا حتى 7:30 مساءً
– من نوفمبر إلى يناير: من 9:30 صباحًا حتى 6:00 مساءً
