في قلب العاصمة القطرية، وعلى جزيرة اصطناعية تتقدم مياه الخليج العربي بهدوء مهيب، ينتصب متحف الفن الإسلامي في الدوحة كصرح معماري فريد، يروي للعالم قصة حضارة امتدت قرونًا، واحتضنت شعوبًا وثقافات وأقاليم شاسعة، جمعتها لغة الفن والروح. هذا المتحف ليس فقط أحد أبرز المعالم الثقافية في قطر، بل نافذة عالمية تطل على روائع الفن الإسلامي وتفاصيله المذهلة.
جدول المحتويات
من أين جاءت الفكرة؟ وكيف وُلد هذا الصرح؟
بدأت الحكاية مع الرغبة القطرية العميقة في إبراز التراث الإسلامي بكل ما يحمله من عراقة وتنوع. وقد تم افتتاح المتحف رسميًا في 2008. المهندس العالمي آي. إم. بي، الذي سبق له تصميم هرم اللوفر بباريس ومتحف ميهو في اليابان، هو من صاغ ملامح هذا المبنى.

هندسة معمارية تأسر الأبصار
يقف المتحف كمجمع معماري مكوّن من خمسة طوابق، يشكل فيها الحجر الجيري الكريمي لوحته الهادئة التي تتماوج مع ألوان الصحراء القطرية. التصميم لا يخلو من الدقة الهندسية، حيث تتداخل الأشكال المكعبة والمثمنة وتفتح النوافذ على ضوء طبيعي مدروس، يمنح كل قطعة فنية حيويتها الخاصة. يمتد المتحف على مساحة تبلغ 45,000 متر مربع، متصلًا باليابسة عبر جسرين أنيقين، بينما تتوزع داخله القاعات والمساحات التي تخدم مختلف الوظائف من عرض وتعليم وبحث واستراحة.

رحلة عبر 1400 عام من الفن الإسلامي
من لحظة دخولك، تبدأ رحلتك البصرية والذهنية عبر 14 قرنًا من الفن الإسلامي المتنوع. يضم متحف الفن الإسلامي في الدوحة أكثر من 800 قطعة فنية نادرة تم جمعها من آسيا وأوروبا على مدى 15 عامًا، بعضها لم يعرض سابقًا، والبعض الآخر نقل من مستودعات المتاحف العالمية إلى قلب الدوحة.

أقسام العرض: حين يتحول الفن إلى قصة
- قاعة المخطوطات والمصاحف: هنا تتجلى روعة الخط العربي والزخرفة الإسلامية من خلال مصاحف مذهّبة ومخطوطات دقيقة الصنع.
- قاعة الخزف والزجاج: تشكيلة بصرية بديعة من التحف الخزفية والمصابيح والزجاجيات التي تحمل روح الإبداع الإسلامي.
- قاعة النسيج والسجاد: أقمشة حريرية وسجاد مزخرف ينقل الزائر إلى عمق الألوان والنقوش الإسلامية الغنية.
- قاعة المعادن والمجوهرات: من الحلي إلى الأدوات والأسلحة، تتجلى براعة الصناع المسلمين في تطويع المعدن.
- قاعة الأخشاب والعاج: قطع منحوتة بعناية، تظهر الحس الفني في التعامل مع مواد طبيعية كالعاج والخشب.
- معارض مؤقتة: تقام بانتظام لتقديم موضوعات فنية متنوعة تعكس جوانب متعددة من الفن الإسلامي أو تستعرض أعمال فنانين معاصرين يستلهمون منه.

ما الذي يمكن أن تفعله هنا إلى جانب التجول بين التحف؟
زيارة متحف الفن الإسلامي في الدوحة لا تقتصر على التجول في قاعاته، بل تقدم تجربة تفاعلية تثري الحس الفني والمعرفي للزائر:
- جولات إرشادية برفقة مرشدين مختصين يقدمون شرحًا وافيًا لتاريخ كل قطعة.
- ورش عمل تعليمية تستهدف الأطفال والكبار، لتعزيز فهم الفن الإسلامي عمليًا.
- المكتبة: تضم تسع غرف دراسة وأكثر من 20,000 عنوان بين كتب ومراجع متخصصة.
- الحديقة الخارجية: مساحة خضراء خلابة تطل على البحر، مزينة بأعمال فنية حديثة مستوحاة من التراث الإسلامي، وتعد مثالية لنزهة أو لحظة تأمل.
- سوق نهاية الأسبوع: فعالية محببة منذ 2012 تقام في حديقة المتحف، تشمل أكشاك طعام، وحرف يدوية، وملابس ومجوهرات محلية.

أوقات الزيارة والمعلومات العملية
- الأحد، الإثنين، الثلاثاء، والسبت: من 9 صباحًا حتى 7 مساءً
- الخميس: من 9 صباحًا حتى 9 مساءً
- الجمعة: من 1:30 مساءً حتى 7 مساءً
- الأربعاء: مغلق
- العنوان: شارع الكورنيش، الدوحة، قطر
- الموقع الإلكتروني: متحف الفن الإسلامي

لماذا يستحق المتحف هذه المكانة؟
لأن متحف الفن الإسلامي في الدوحة ليس مجرد مكان للعرض، بل هو منارة معرفية تسعى لتقديم الإسلام بصورته الحضارية والإنسانية. كما أوضحت الشيخة المياسة بنت حمد، فإن المتحف يعنى بإبراز سماحة الإسلام وتعريف العالم بقيمه الجمالية والفكرية. إنه منصة للحوار الثقافي ومركز جذب للباحثين والدارسين من أنحاء العالم، كما عبّر عن ذلك المؤسسون عند افتتاحه.

هل تبحث عن تجربة ثقافية ثرية لا تنسى؟
إذا كنت من محبي الفن أو التاريخ، أو حتى من الباحثين عن تجربة مختلفة تتجاوز التصوير والتجول، فإن متحف الفن الإسلامي في الدوحة هو المكان المناسب لك. هنا تلتقي العمارة بالإبداع، والتراث بالحياة، ليمنحك المتحف لحظة تأمل في حضارة أبدعت وما زالت تلهم.
