كهف الرقيم في عمّان : أثر يدمج الدين بالحضارة

على بعد 7 كيلومترات شرق العاصمة الأردنية عمان، في قرية الرجيب، يقع كهف الرقيم. يعتقد أن هذا الكهف هو الموقع المحتمل لأصحاب الكهف الذين ورد ذكرهم في القرآن الكريم. يعد الكهف أحد المعالم الأثرية الهامة في الأردن، ويُعد وجهة مثيرة للمهتمين بالدين والتاريخ.

تاريخ الكهف

يعود تاريخ كهف الرقيم في عمّان إلى العصر البيزنطي، ويعتبر من أقدم المعالم الأثرية في الأردن. يتألف الكهف من قاعة مجوفة وثلاثة محاريب تعلوها عقود رملية، بالإضافة إلى سبعة مدافن حجرية مزخرفة بزخارف نباتية ونقوش هندسية فريدة. يحمل الكهف اسم “الرقيم”، الذي يرتبط بالكتابة أو النقش، في إشارة إلى اللوح الذي كتبت عليه أسماء الفتية.

ماذا اكتشف في الكهف؟

تم اكتشاف بناء أثري فوق كهف الرقيم في عمّان يُعتقد أنه قد يكون المسجد المشار إليه في قوله تعالى: “لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا”، رغم أنه لا يوجد إجماع كامل بين الباحثين حول هوية هذا المسجد. هذا البناء قد خضع لعدة عمليات ترميم خلال العصور الإسلامية. كما عثر المنقبون في المنطقة على بعض المقتنيات الأثرية، مثل النقود القديمة والهياكل العظمية، بالإضافة إلى جمجمة كلب يُعتقد أنه كان يرافق أصحاب الكهف.

هل هو الموقع الحقيقي لأهل الكهف؟

تعددت الآراء حول موقع الكهف الذي رقد فيه الفتية المؤمنون الذين فروا بدينهم من الملك دقيانوس. وبالنظر إلى الدلائل التاريخية والأثرية، يعتقد أن كهف الرقيم في قرية الرجيب هو الموقع الأكثر توافقًا مع ما ورد في القرآن. يقع الكهف على بعد 7 كيلومترات شرق عمان، بالقرب من مبنى التلفزيون الأردني ومنطقة أبو علندا.

دلالة تسمية “الرقيم”

جاءت تسمية كهف الرقيم من كلمة “الرقيم” المشتقة من الفعل “رَقَمَ”، والذي يعني الكتابة أو النقش. قد يشير “الرقيم” أيضًا إلى القرية أو الجبل الذي يقع فيه الكهف، أو الكتاب الذي تمت كتابة أسماء أهل الكهف عليه، كما ورد في تفسير الطبري.

متى تم اكتشاف كهف الرقيم؟

تم اكتشاف كهف الرقيم في عمّان في عام 1951 على يد الصحفي تيسير ظبيان، الذي نشر أول صورة له في مجلة الشرطة العسكرية السورية. بعد ذلك، تم إبلاغ دائرة الآثار الأردنية التي أوكلت مهمة البحث والتنقيب إلى عالم الآثار الأردني رفيق الدجاني.

كيف تم تناول قصة أهل الكهف في المسيحية؟

في المسيحية، تعرف قصة أهل الكهف باسم “النيام السبعة” أو “الفتيان السبعة القديسين من أفسس”. كانوا فتية مسيحيين فروا من اضطهاد الملك ديقيانوس في القرن الثالث الميلادي. واختبأوا في كهف بالقرب من أفسس، حيث ناموا 309 سنوات. تم اكتشافهم في عهد الملك ثيودوسيوس الثاني، وكانت أجسادهم بحالة سليمة، مما أثار إعجاب الناس وزيّن قصتهم الإيمان المسيحي. تحتفل الكنيسة القبطية بذكراهم في 20 مسرى (أغسطس/آب)، معتبرةً إياهم قدوة في التضحية والثبات على الإيمان.

الأدلة التاريخية والعلمية التي تدعم هذا الموقع

الاسم القديم لموقع قرية الرجيب في الأردن هو “الرقيم”، مما يتوافق مع ما ورد في القرآن الكريم. وقد ذكر العديد من الصحابة وقادة الجيوش الإسلامية أن موقع الكهف يقع في جبل الرقيم بالأردن، ومن بينهم عبادة بن الصامت في زمن الخليفة عمر بن الخطاب، ومعاوية بن أبي سفيان، وابن عباس. في الوقت نفسه، وُجد بناء أثري فوق الكهف يعتقد أنه المسجد المذكور في القرآن، والذي تحول من كنيسة إلى مسجد خلال العصر الإسلامي. تُظهر عمليات الترميم المتعددة للمسجد اهتمام المسلمين البالغ بالموقع.

الاكتشافات الأثرية داخل الكهف

عثر داخل كهف الرقيم في عمّان على ثمانية قبور، يحتمل أن تكون للفتية المذكورين في القرآن. كما وُجدت جمجمة كلب وأنيابه، إضافة إلى مجموعة من العملات والأساور والخواتم وأوانٍ فخارية. كما كشفت الدراسات الجيولوجية عن وجود معادن مشعة في التربة، مثل الراديوم، واليورانيوم، والثوريوم، التي قد تكون ساعدت في حفظ الأجساد لأكثر من ثلاثة قرون.

لماذا يعتبر الكهف مقصدًا سياحيًا؟

يظل كهف الرقيم شاهدًا على عمق التاريخ والإرث الحضاري، مما يجعله مقصدًا فريدًا لعشاق السياحة الثقافية والتاريخية. ما يميز الكهف هو ارتباطه بالقصة القرآنية، إلى جانب قيمته الأثرية الكبيرة التي تجذب الزوار من مختلف أنحاء العالم.

نقترح لك ايضاً: ديوان الدوق في عمّان: من أول بريد إلى ملتقى فني وثقافي

اذا اعجبك هذا المقال ، لا تتردد في مشاركته مع اصدقائك!