مسجد الملك الحسين: تحفة معمارية حديثة في قلب عمّان

يقف مسجد الملك الحسين في منطقة دابوق بغرب عمان شامخًا على ارتفاع 1013 مترًا فوق سطح البحر، ليطل على العاصمة الأردنية وجبال وادي السير الخلابة. يجمع المسجد بين الأصالة والحداثة في تصميم معماري فريد يأسر الناظرين ويعكس روح العمارة الإسلامية لبلاد الشام، مما يجعله من أبرز المعالم السياحية والثقافية في الأردن.

الموقع والإطلالات

يقع مسجد الملك الحسين في عمّان في موقع استراتيجي داخل حدائق الملك الحسين، التي تصل عبر شارع الملك عبد الله الثاني بالقرب من مدينة الحسين الطبية. تمتد الممرات الطبيعية الخلابة في الحديقة لتوصلك إلى مدخل المسجد المهيب. حيث يمكنك الاستمتاع بإطلالات ساحرة على عمان من مختلف زوايا العاصمة. إن موقعه المرتفع يجعله مرئيًا من أغلب مناطق عمان، ممّا يضفي عليه طابعًا مميزًا كمنارة ثقافية ومعمارية.

التصميم المعماري الفريد

تم بناء مسجد الملك الحسين في عمّان في أواخر عام 2005 بأسلوب يجمع بين الحداثة والعمارة الإسلامية التقليدية الخاصة بمنطقة بلاد الشام. يتميز التصميم بشكله المربع وأرضيته الرخامية الأنيقة. بالإضافة إلى أربع مآذن شاهقة تتربع على زواياه، كل منها يتوج بقبة وشرفات تصل إلى ارتفاع 46 مترًا عن مستوى الأرض. وقد اخترع الفنانون تفاصيل زخرفية دقيقة عبر نقوش وأنماط متناسقة تُزيّن الجدران والأقواس والقناطر. ممّا يعكس حسًا فنيًا راقيًا يربط بين الأصالة والابتكار.

يتكون بناء المسجد من طابق أرضي وطابق علوي مع طابق ميزانين، حيث يتداخل الطراز الكلاسيكي مع اللمسات الحديثة في استخدام الحجر الأردني، الذي يضفي على الواجهات الداخلية والخارجية ألوانًا ونقوشًا إسلامية متقنة.

المرافق الداخلية والمنبر

يعتبر المنبر أحد أبرز عناصر المسجد؛ فقد تم تصميمه وتركيبه باستخدام 2000 قطعة منفصلة، ممّا يجعله فريدًا على مستوى الأردن. بأبعاده التي تبلغ 4.5 متر ارتفاعًا و2.85 متر عرضًا مع عمق متر واحد، تم اختيار هذه المقاسات بعناية لتناسب المساحة المخصصة له. يُعد المنبر قطعة فنية مستوحاة من أسلوب منبر صلاح الدين الأيوبي، وقد تم تدشينه ضمن احتفالات خاصة بمناسبة عيد ميلاد الملك عبد الله الثاني السادس والأربعين.

تشمل المرافق الداخلية أيضًا المحراب الذي يمثل تحفة فنية تُستحضر من خلاله التراث الإسلامي في تصميمه. إذ صُنِع باستخدام خشب الجوز والبلوط بتقنية “التعشيق” دون استخدام مواد لاصقة أو معدنية. ويمثل المحراب رمزًا للجودة والدقة في تفاصيله الزخرفية، كما يضم رموزًا هندسية معقدة تعكس عمق الفن الإسلامي.

الأقسام والمناطق الخدمية

يتوزع مسجد الملك الحسين في عمّان على عدة أقسام تساهم في تعزيز تجربة الزائر وتوفير كافة احتياجات المصلين والسائحين، منها:

  • الساحات: التي تحيط بالمبنى وتوفر مساحات واسعة للتجمع والاسترخاء.
  • المقصورة: التي تتميز بتصميمها الدقيق ونقوشها الإسلامية.
  • المسجد الرئيسي: الذي يضم المصلّى الداخلي برفع سقفه العالي وأقواسه الموشاة.
  • المصليات: المخصصة للنساء والمناطق الخاصة بالوضوء.
  • متحف المسجد: المعروف باسم “متحف الرسول”. والذي يضم مجموعة من الآثار والنوادر التاريخية، منها رسالة إلى هرقل ملك الروم.

المتحف والآثار النادرة

في خطوة لتعزيز القيمة الثقافية والدينية للموقع، تم افتتاح متحف الرسول في حرم المسجد في 15 مايو 2012. يعرض المتحف مجموعة من الآثار النبوية الشريفة. مع شذرات من تاريخ الرسول محمد ﷺ . ويعتبر من الزيارات الثقافية المميزة التي تقدم للزوار نافذة للتاريخ الإسلامي العريق.

المرافق الخارجية والمساحات الخضراء

بني المسجد على مساحة تقارب 60 ألف متر مربع. حيث تبلغ مساحة البناء حوالي 8 آلاف متر مربع، بينما خصصت المساحات المتبقية لمواقف السيارات التي تتسع لما يقارب 450 سيارة، والشوارع الداخلية والممرات والأرصفة والمساحات الخضراء. يمثل هذا التنظيم توازنًا بين الجمال المعماري والوظائف الخدمية، ممّا يضمن تجربة متكاملة للزائر تجمع بين الراحة والجمال.

يعد مسجد الملك الحسين في عمّان مثالًا حيًا للتلاقي بين التراث والحداثة. حيث يقدم تجربة سياحية فريدة تجمع بين العمارة الإسلامية الأصيلة واللمسات العصرية التي تبرز روعة التصميم الهندسي والتفاصيل الدقيقة. إنه موقع لا يفوّت لعشاق السياحة الدينية والثقافية، إذ يعكس التاريخ والتراث بروح معاصرة تأسر القلوب وتلهم الزائرين لاستكشاف عمق الحضارة الإسلامية في قلب عمان.

نقترح عليك هذه الوجهة أيضًا: مسجد أبو درويش في عمّان : مئذنة شاهقة وجذور شركسية

اذا اعجبك هذا المقال ، لا تتردد في مشاركته مع اصدقائك!