مدرسة السباعيين في فاس: رمز العلم وفن العمارة التقليدية

تعتبر مدرسة السباعيين واحدة من أبرز المعالم المعمارية والتاريخية في مدينة فاس المغربية، التي تنبض بالتاريخ والثقافة الإسلامية. تقع هذه المدرسة في قلب الحي الأندلسي داخل فاس البالي، بجانب جامع الأندلس، ممّا يجعلها جزءًا لا يتجزأ من النسيج التاريخي الغني لهذه المدينة. تم تأسيسها بين عامي 1321 و1323م على يد السلطان أبي الحسن المريني، واحتفظت بمكانة هامة في مجال التعليم القرآني والتعاليم الإسلامية، حيث كانت تركز على تدريس القراءات السبع للقرآن الكريم، وهو ما يفسر تسميتها بـ”السباعيين”.

التاريخ والتأسيس

تم تأسيس مدرسة السباعيين في عهد السلطان المريني أبي الحسن علي بن عثمان.وهو السلطان الذي كان له دور كبير في نهضة العلوم والتعليم في المغرب. المدرسة كانت في الأصل مكملًا للمدرسة الكبرى المجاورة مدرسة الصهريج، التي تأسست في عام 1321م على يد السلطان أبي الحسن، إذ تم تشييدها لتدريس القراءات القرآنية، بينما كانت مدرسة الصهريج تقوم بتعليم باقي العلوم الإسلامية. ورغم أن المدرسة كانت صغيرة نسبيًا مقارنة بجاراتها، فإنها لعبت دورًا مهمًا في نشر العلم والمعرفة في فاس والمنطقة بأسرها.

التصميم المعماري الفريد

تميزت المدرسة بتصميمها المعماري الفريد الذي يجمع بين الطراز الأندلسي والمغربي، حيث نجد الفناء المركزي الذي يحيط به معارض من طابقين تدعمهما أعمدة رخامية وأخرى من الطوب. في قلب الفناء، كانت تتوسطه نافورة رخامية، مما أضاف جمالًا وهدوءًا على المكان. السقف مزخرف بنقوش خشبية متقنة، وهي تعكس براعة الحرفيين المغاربة في تلك الحقبة. كما تضم المدرسة 23 غرفة لإقامة الطلاب، بالإضافة إلى 3 غرف مكتبية، ما يعكس دورها كمؤسسة تعليمية متكاملة.

التحديات والترميم

مرت مدرسة السباعيين بفترات صعبة من الإهمال والتخريب، خاصة بعد تعرضها لنهب في عام 2009، حيث تمت سرقة العديد من الأعمدة الخشبية المنحوتة والرخامية، مما أدى إلى انهيار جزء من الطابق الثاني. لكن جهود الترميم بدأت في العقد الأول من القرن الواحد والعشرين، حيث تعاونت وكالة التراث المحلي (ADER-Fès) مع صندوق الآثار العالمي لإعادة تأهيل المدرسة، وتم افتتاحها مجددًا في عام 2017 كجزء من برنامج أكبر لإعادة تأهيل مدينة فاس العتيقة الذي بدأ في عام 2013.

أقسام المدرسة والمعالم البارزة

الفناء المركزي: يعد قلب المدرسة. حيث يمكن للزوار التمتع بجمال الزخارف الخشبية والنقوش الرخامية، إلى جانب النافورة التي تضيف لمسة من السكينة.

غرف الطلاب: تتمحور حول الفناء، وتوفر بيئة هادئة للدراسة والراحة.

قاعات الدراسة: كانت تستخدم لتدريس العلوم الدينية واللغوية، وتتميز بجدران مزخرفة تعكس التراث الثقافي الغني.

المئذنة: تتميز بتصميم فريد يعكس الطراز المعماري المريني، وهي رمز للعمارة الإسلامية في المنطقة.

أنشطة يمكنك الاستمتاع بها

التجول في الفناء: استمتع بتفاصيل الزخارف الخشبية والنقوش الرخامية أثناء التنقل بين أروقة المدرسة.

التصوير الفوتوغرافي: تعد مدرسة السباعيين موقعًا مثاليًا لعشاق التصوير بفضل جمالها المعماري وتفاصيلها الفريدة.

التأمل في التاريخ: يمكن للزوار استكشاف تاريخ المدرسة العريق .و كذلك التعرف على أهميتها الثقافية والدينية في المدينة.

نصائح للزوار

  • أفضل وقت للزيارة: يفضل زيارة المدرسة في الصباح الباكر أو بعد الظهر لتجنب الازدحام.
  • مدة الزيارة: من ساعة إلى ساعتين تكفي لاستكشاف كافة التفاصيل المعمارية والتاريخية.
  • ارتداء ملابس محتشمة: احترامًا للطابع الديني والتاريخي للمكان.
  • المرشد السياحي: يوصى بالاستعانة بمرشد سياحي لزيادة فهم الزوار حول تاريخ المدرسة وأهميتها الثقافية.

كيفية الوصول إلى مدرسة السباعيين

تقع المدرسة في فاس البالي، ويمكن الوصول إليها سيرًا على الأقدام من معظم الفنادق القريبة. كما يمكن استخدام وسائل النقل العامة أو استئجار سيارة أجرة للوصول إليها بسهولة.

مدرسة السباعيين اليوم

اليوم، تعد مدرسة السباعيين واحدة من أهم المعالم السياحية في فاس، حيث توفر للزوار فرصة للتعرف على التاريخ المعماري والديني لهذه المدينة العريقة. يجسد المكان جمال العمارة الإسلامية في أبهى صورها، مما يجعلها وجهة سياحية لا غنى عنها لعشاق التاريخ والفن.

اذا اعجبك هذا المقال ، لا تتردد في مشاركته مع اصدقائك!