متحف الدبابات الملكي : رحلة عبر التاريخ العسكري الأردني

متحف الدبابات الملكي في عمّان هو الوجهة المثالية لكل من يهوى التاريخ العسكري ويبحث عن تجربة فريدة تنقله عبر الأزمان. يعد المتحف الأول من نوعه في العالم العربي وأحد أكبر المتاحف المتخصصة في الدبابات، حيث يضم أكثر من 110 دبابة ومدرعة من مختلف أنحاء العالم. افتتح المتحف في 29 يناير 2018، ويمتد على 20 ألف متر مربع ليكون بذلك أكبر متحف في الأردن. يبرز المتحف التنوع الكبير في معروضاته التي تمثل صراعات تاريخية شهدها العالم، بالإضافة إلى تسليط الضوء على الدور الذي لعبته الآليات العسكرية في مجرى الحروب.

تاريخ المتحف – انطلاقة الفكرة

بدأ التفكير في إنشاء متحف الدبابات الملكي في عام 2002، ليكون نقطة محورية لعرض تاريخ الدبابات العسكرية. كان من المقرر أن يبنى المتحف في مدينة العقبة، لكن تم تغيير الموقع ليصبح في شرق عمّان بعد أن أسهمت أمانة عمّان الكبرى في توفير الأرض. وبعد مرسوم ملكي في 2007، تم بدء البناء ليكتمل في عام 2018. لم يكن إنشاء المتحف مجرد بناء مبنى، بل كان رحلة طويلة لجمع وحفظ وتوثيق الدبابات والآليات العسكرية من مختلف الحروب. يهدف المتحف إلى إبراز التاريخ العسكري الأردني والعالمي معًا، موفرًا للزوار فرصة للتعرف على هذه الآليات والتفاعل معها بشكل حيوي.

القاعات والمعروضات

داخل المتحف، تأخذك كل قاعة في رحلة عبر فصول مختلفة من الحروب الكبرى، بدءًا من الحرب العالمية الأولى وصولًا إلى حرب الخليج. يعرض المتحف أثر هذه الحروب على تطور الآليات العسكرية، مما يتيح للزوار فهم العلاقة بين الحروب وتقدم هذه الآليات. الأكثر إثارة هو العروض الحية التي تقدمها الدبابات في الساحة الخارجية، حيث يمكن للزوار مشاهدة هذه الآليات وهي تعرض في حلبة معركة حية، مما يضفي على التجربة مزيدًا من الواقعية والإثارة.

التنوع في المعروضات

يتفرد المتحف بتنوع معروضاته التي تشمل دبابات من دول مثل أمريكا وبريطانيا والاتحاد السوفيتي وألمانيا، إضافة إلى آليات عسكرية من دول أخرى مثل ألبانيا وبروناي وإسبانيا. هذا التنوع يتيح للزوار اكتشاف كيفية مساهمة كل دولة في تطوير دباباتها ومدرعاتها، وأثر الحروب على هذه الآليات. كما يعكس دور هذه الدبابات في تحالفات دولية متعددة، مما يعكس تطور العلاقات العسكرية بين الأردن والدول الأخرى.

الآلية الأردنية .. الفخر المحلي

يبرز الجانب الأردني بقوة في المتحف، حيث يعرض العديد من الدبابات والمدرعات التي استخدمها الجيش الأردني منذ تأسيسه في عام 1920. يشمل المعروض أول دبابة في تاريخ القوات المسلحة الأردنية، بالإضافة إلى التعديلات المهمة التي أجراها الجيش على الدبابات لزيادة كفاءتها في المعارك. تجسد هذه الآليات الفخر الوطني للأردن، حيث كانت جزءًا أساسيًا من العمليات العسكرية التي خاضها الجيش الأردني في مختلف الحروب.

الموقع وطريقة الوصول إليه

يتميز متحف الدبابات الملكي بموقعه الاستراتيجي داخل حدائق الملك عبد الله الثاني، التي تمتد على 550 دونمًا في منطقة المقابلين شرقي عمّان. يجاور المتحف معالم بارزة مثل المدينة الإعلامية الأردنية ومؤسسة الإذاعة والتلفزيون الأردنية، ما يضيف بعدًا حضريًا غنيًا للموقع. يبعد المتحف عن وسط المدينة نحو 5 كيلومترات، مما يجعله وجهة يسهل الوصول إليها. يمكن للزوار استخدام وسائل النقل العامة مثل الحافلات أو سيارات الأجرة للوصول إلى المتحف، كما يتوفر موقف سيارات للزوار. تذاكر الدخول تتراوح أسعارها بين 2 و 5 دنانير، مع دخول مجاني للأطفال تحت سن 12 عامًا. يسمح بالتقاط الصور داخل المتحف، مما يمنح الزوار الفرصة لتوثيق تجربتهم.

التصميم والإنشاء

يتميز المتحف بتصميمه الفريد الذي يتخذ شكل حصن مربع بأربعة ركائز رئيسية، محاكيًا في تصميمه القصور الصحراوية التي تزين البادية الأردنية. يرمز هذا الشكل إلى القوة والقدرة على التحمّل، كما تفعل الدبابات. في قلب المبنى، تتدلى مروحية كوبرا هجومية من قبة زجاجية ضخمة، ما يعكس الانتقال من إرث الأردن العسكري العريق إلى مستقبله المشرق. يعد المتحف بناءً أخضرًا، حيث يتم تجميع المياه لاستخدامها مجددًا وتوليد الطاقة عبر خلايا شمسية، ما يعكس التزام الأردن بالاستدامة.

الأقسام والمعروضات

يضم المتحف 14 قاعة عرض، تبدأ من صالة الاستقبال التي تعرض مجسمًا لدبابة “ليوناردو دا فينشي” الفائقة التصميم، مرورًا بعدة معروضات من أبرزها دبابة الحسين التي تم تطويرها في الأردن. كما تتضمن القاعة بانوراما ثلاثية الأبعاد تصور أحداث الثورة العربية الكبرى، بالإضافة إلى السيارة العسكرية النادرة “رولز رويس” التي استخدمها الأمير فيصل. من هنا، يبدأ الزوار رحلة عبر معروضات الحرب العالمية الثانية التي شاركت فيها دبابات ومدرَّعات في معارك شمال إفريقيا والشرق الأوسط، بما في ذلك دبابة “غرانت إم 3” التي كانت بداية المساعدات الأمريكية للبريطانيين في معركة العلمين.

الطابق الأرضي: رحلة عبر التاريخ العسكري

في الطابق الأرضي، يبدأ الزوار جولتهم في قاعات تتراوح بين فترة الثورة العربية الكبرى ومعركة الكرامة وصولًا إلى الحرب العربية الإسرائيلية. تنتهي الجولة في قاعة الملك عبد الله الثاني، حيث يعرض تصميم فريد يبرز دبابة الكوبرا المعلقة من القبة الزجاجية. يضم الطابق الأرضي أيضًا قاعات مخصصة للحروب العربية الإسرائيلية، ومعركة الكرامة، بالإضافة إلى قاعة الصناعات العسكرية المحلية التابعة لمركز الملك عبد الله الثاني للتصميم والتطوير.

الطابق الأول: تجربة تعليمية وتفاعلية

يحتوي الطابق الأول على مكاتب الإدارة وقاعة المحاضرات، إضافة إلى مكتبة المتحف ومركز البحوث. كما يعرض في هذا الطابق قسم خاص للأطفال، حيث يمكنهم التفاعل مع الألعاب الإلكترونية العسكرية في ركن مخصص. يمكن للزوار الاستمتاع بالعروض العسكرية الحية من منصات خاصة، ما يعزز التجربة التفاعلية ويضفي طابعًا تعليميًا ممتعًا.

صالة الدعم والإسناد

تستعرض هذه الصالة الآليات العسكرية والمعدات التي تقدم الدعم للقوات المسلحة في ساحة المعركة. مثال ذلك المعدات الخاصة بالإمداد والإخلاء ووسائل الاتصالات الحديثة. كما تعرض الأدوات الهندسية العسكرية التي تستخدم في بناء التحصينات الدفاعية وإزالة الألغام، مشيرةً إلى الدور الحيوي للدعم اللوجستي في تحقيق التفوق العسكري على الأرض.

صالة الدبابات بالمعارك

تأخذ هذه الصالة الزوار في رحلة عبر الزمن لعرض الدبابات التي كانت حاسمة في معارك تاريخية كبرى. وأهمها معركة الكرامة وحروب 1967 و1973. تعرض الدبابات تفاصيلها الفنية ودورها البارز في المعركة، ممّا يعكس روح التضحية والصمود التي خاضها الجيش الأردني وجيوش الدول العربية.

صالة الصناعات العسكرية المحلية

تستعرض هذه الصالة الابتكارات العسكرية التي تم تطويرها في الأردن في إطار جهود تطوير الجيش الوطني. تعرض معدات تم تصميمها وتصنيعها محليًا، مثل الأسلحة الخفيفة والمدرعات الحديثة، ممّا يعكس التقدم العسكري الذي حققته المملكة.

صالة البحوث والدراسات العسكرية

تعرض هذه الصالة الدراسات العسكرية التي أجراها المركز الأردني للأبحاث العسكرية، بالإضافة إلى تقارير حول التطور التكنولوجي في مجال الدفاع الوطني وتحليل التكتيك العسكري في الحروب المختلفة.

صالة التأهيل والتدريب العسكري

تخصص هذه الصالة لعرض وسائل التدريب والتأهيل التي مر بها الجنود الأردنيون خلال خدمتهم العسكرية، و كذلك نماذج لأجهزة محاكاة القتال والتدريبات التكتيكية التي استخدمها الجيش الأردني لتدريب جنوده.

صالة الطائرات العسكرية

تعرض هذه الصالة مجموعة من الطائرات العسكرية التي استخدمها سلاح الجو الملكي الأردني. وتقدم معلومات عن تاريخ تطور سلاح الجو واستخدام هذه الطائرات في الحروب والصراعات المختلفة.

صالة الأسلحة الخفيفة

تستعرض هذه الصالة الأسلحة الخفيفة التي استخدمها الجيش الأردني. ومنها البنادق الآلية والمسدسات، مع شرح تفصيلي حول كيفية استخدامها في المعارك.

صالة التقنيات الحديثة

تهدف هذه الصالة إلى عرض أحدث التقنيات في مجال الدفاع الوطني. بما في ذلك أنظمة الدفاع الجوي والطائرات دون طيار (الدرون)، إضافة إلى الأسلحة المتطورة التي تُستخدم في الحروب الحديثة.

متحف الذكريات العسكرية

يحتفظ هذا القسم بمجموعة من الذكريات العسكرية التي تعود للجنود الأردنيين الذين شاركوا في الحروب المختلفة. مثل الأوسمة والشهادات التقديرية، مع قصص حية للجنود عبر تسجيلات الصوت والفيديو.

فرصة لاستكشاف التاريخ العسكري

يقدم متحف الدبابات الملكي في عمّان تجربة فريدة وغنية بالمعرفة. حيث يستطيع الزوار من خلالها استكشاف تاريخ العسكرية الأردني والعالمي في مكان واحد. يتيح المتحف فرصة للتعرف على التطور التكنولوجي في الآليات العسكرية ودور الدبابات في الصراعات الكبرى التي شكلت مجرى التاريخ.

اذا اعجبك هذا المقال ، لا تتردد في مشاركته مع اصدقائك!