في قلب بيروت، حيث تتعانق ذاكرة المدينة مع جمال العمارة، ينتصب قصر الصنوبر شامخًا، شاهدًا على حقبة من أهم محطات التاريخ اللبناني، وواحدًا من أرقى المعالم التي تجسّد التداخل العميق بين لبنان وفرنسا.
جدول المحتويات
لمحة تاريخية
تم زي تشييد قصر الصنوبر عام 1916 على يد الثري ألفرد موسى سرسق، بطلب من والي بيروت آنذاك عزمي بيك، ليكون جزءًا من كازينو فاخر يضم ميدانًا لسباق الخيل. غير أن المشروع لم يُكتب له أن يرى النور كما خُطط له؛ إذ وضعت سلطات الانتداب الفرنسي يدها على القصر فورًا، لتحوّله إلى مقر المفوضين السامين الفرنسيين خلال فترة الانتداب.
وفي عام 1921، اشترت الجمهورية الفرنسية القصر رسميًا من عائلة سرسق، ليصبح المقر الدائم للسفير الفرنسي في لبنان حتى يومنا هذا.

الحدث المفصلي .. إعلان ولادة لبنان الكبير
لم يكن القصر مجرد مقر دبلوماسي، بل تحوّل إلى مسرح لأحد أهم لحظات التاريخ اللبناني. ففي عام 1920، اعتلى الجنرال هنري غورو شرفة القصر، وأعلن من هناك قيام دولة لبنان الكبير، ليُخلّد القصر بوصفه شاهدًا على ولادة الوطن، ويرتبط اسمه منذ ذلك اليوم بذاكرة اللبنانيين الوطنية.

روعة العمارة وجمال المكان
قصر الصنوبر في بيروت تحفة معمارية تمزج بين الطراز الفرنسي الكلاسيكي واللمسات الشرقية الفاخرة. تحيط به حدائق غنّاء تتعانق فيها أشجار الصنوبر المعمّرة مع نباتات متنوعة. ممّا يضفي على المكان سحرًا خاصًا وهدوءًا يليق بعراقته.
في داخله، تنبض الصالونات الأنيقة وغرف الطعام الفاخرة بعبق الماضي. ويضم القصر أيضًا نصب الموتى الذي يعكس طابع الاحترام والوقار الذي يحمله هذا المكان العريق.
إقرأ أيضاً : السراي الكبير في بيروت : رمزية وعراقة
أنشطة ومعالم مجاورة
رغم خصوصية قصر الصنوبر في بيروت ، إلا أن أبوابه تفتح أمام الزوار في مناسبات محددة، أبرزها يوم التراث الأوروبي، حيث تُتاح الفرصة لاكتشاف تفاصيله المعمارية الفريدة والتعرّف على تاريخه عن قرب.
ولا تكتمل الزيارة دون التجوّل في حدائقه الوارفة، حيث يمكن للزائر أن يستمتع بجمال الطبيعة وأجواء السكينة التي تحيط بالقصر. وبالقرب منه، يقف ميدان سباق الخيل شامخًا. حيث ما تزال السباقات تقام حتى يومنا هذا، مستحضرة بذلك جزءًا من الحلم الذي بدأ مع بناء القصر.
نصائح للزيارة
- احرص على زيارة القصر خلال الفعاليات الرسمية التي تفتح أبوابه للجمهور.
- الوصول إلى القصر سهل باستخدام وسائل النقل العام أو سيارات الأجرة.
- ينصح بارتداء ملابس وأحذية مريحة للاستمتاع بجولة بين أرجاء القصر وحدائقه.

قصر الصنوبر .. إرث خالد
ليس قصر الصنوبر في بيروت مجرد مبنى فخم أو مقر دبلوماسي، بل هو شاهد حي على ذاكرة بيروت وتاريخ لبنان الحديث، ومكان يعكس عراقة العمارة الفرنسية وأصالة الأرض اللبنانية. زيارة هذا القصر ليست مجرد جولة سياحية، بل رحلة عبر الزمن لاكتشاف فصلٍ من حكاية وطن.