قصر الحرانة في الأردن يقف شامخًا وسط الصحراء الشرقية، شاهدًا على روعة العمارة الأموية وبراعة التصميم الدفاعي. يجمع بين الطابع الحصني والزخارف الفنية التي تعكس حضارات متداخلة. في هذا المقال، نأخذك في جولة داخل أحد أقدم المعالم التي تحكي قصة الصحراء وتاريخها.
جدول المحتويات
تحفة أموية وسط الصحراء
يعتبر قصر الحرانة واحدًا من أبرز المعالم التاريخية في الأردن، ويقع في الصحراء الشرقية على بُعد 65 كم شرق عمان. يعد هذا القصر الأموي من أروع التحف المعمارية التي تعكس عظمة الحضارة الإسلامية، وقد شيد في عام 710 ميلادي في عهد الخليفة الوليد بن عبد الملك. كان القصر يهدف في المقام الأول إلى أن يكون حصنًا دفاعيًا استراتيجيًا، حيث صمم بشكل مربع، طول كل من أضلاعه 35 مترًا، ويتميز بأبراجه المستديرة في الزوايا وبرج نصف دائري بين كل زاويتين، ما يعكس بوضوح قوته الدفاعية.

تاريخ القصر وموقعه
تم بناء قصر الحرانة في عهد الأمويين، ويعتقد أنه كان قائمًا قبل ذلك وتم تجديده خلال فترة حكمهم. هذا القصر، الذي ارتفع 659 مترًا عن سطح البحر، يقع في منطقة تدعى الحرانة. والتي تشتهر بوجود الآلاف من الحجارة الصوانية المتناثرة على سطح الأرض. وقد سمي القصر باسم الحرانة نسبة إلى هذه الحجارة، وتعد هذه المنطقة واحدة من أبرز المناطق الصحراوية في الأردن.
القصر يقع بالقرب من الطريق الصحراوي الذي يربط عمان بمدينة الأزرق. وهو الآن يعد من الوجهات السياحية البارزة التي يسهل الوصول إليها. يرتاده الزوار الذين يمرون عبر الطريق السريع، حيث يطل على منظر صحراوي شاسع، فيحاكي تاريخًا طويلًا من العراقة والتاريخ.

الأنشطة السياحية وأهم التجارب
لا يعتبر قصر الحرانة مجرد معلم تاريخي فحسب، بل هو وجهة سياحية تقدم تجربة استثنائية للزوار. يمكن للزوار التجول في أنحاء القصر، لاستكشاف غرفه التي يبلغ عددها 61 غرفة، موزعة على طابقين. داخل القصر، يمكن للزوار رؤية ساحة مكشوفة في المنتصف تحتوي على خزان لتجميع مياه الأمطار، ممّا يبرز مدى تطور التقنية في تلك الحقبة. كما يمكن التمتع بمشاهدة الزخارف الداخلية التي تزين الجدران، والتي تحمل لمسات فنية فارسية، تشمل الأشكال الهندسية والزهور المنحوتة بالجص، ما يعطي القصر طابعًا فنيًا رائعًا.

زيارة قصر الحرانة
من أبرز الأنشطة التي يمكن للزوار ممارستها عند زيارة قصر الحرانة هو التجول في القاعات والأبراج وملاحظة تفاصيل البناء الفريدة التي تجمع بين البساطة والقوة في التصميم الدفاعي. يمكن للزوار أيضًا زيارة المركز السياحي المجاور الذي يقدم معلومات تاريخية عن القصر. حيث تحتوي اللوحات التفسيرية على معلومات باللغتين العربية والإنجليزية، ممّا يتيح للزوار فرصة التعرف على تاريخ القصر وخصائصه المعمارية.
ومن الأنشطة الأخرى التي يمكن الاستمتاع بها هي شراء المصنوعات اليدوية من البدو المحليين. والتي تعرض في السوق المقام بالقرب من القصر. هذه التجربة توفر فرصة للتعرف على الثقافة البدوية المحلية، إضافة إلى الاستمتاع بمشروبات الضيافة التقليدية.

التفاصيل المعمارية
يتكون قصر الحرانة من 61 غرفة تتوزع على طابقين. الطابق الأول يضم غرفًا مخصصة للدواب والخدم، بينما يحتوي الطابق العلوي على قاعة كبيرة مزخرفة بأشكال هندسية وزهور محفورة في الجص. كما تزين قاعته الكبرى إفريز مزخرف بارتفاع سبعة أمتار يحيط بالقصر من جميع الجهات، وهو ما يفسره البعض على أنه تأثير للنمط المعماري الفارسي. هذه الزخارف تضفي على القصر لمسة جمالية، جعلت منه معلمًا سياحيًا رائعًا يجذب الزوار من مختلف أنحاء العالم.

عمارة أموية خالدة
قصر الحرانة ليس مجرد بناء قديم، بل هو شهادة حية على عبقرية الهندسة المعمارية الأمويّة، وتاريخ الأردن العريق. يعد القصر أحد أكثر المواقع السياحية زيارة في الأردن، ويتيح للزوار فرصة فريدة للغوص في تاريخ المنطقة، واستكشاف ماضيها المشرق.
