في مدينة مراكش، حيث تتداخل العراقة مع الحداثة، تنتصب حديقة سايبر أو “عرصة مولاي عبد السلام” كتحفة خضراء تنبض بالحياة والتجديد. ليست مجرد فسحة للراحة، بل تجربة حضرية متكاملة تنقلك من ظلال النخيل إلى قلب العصر الرقمي، ومن خرير النوافير إلى ترددات الإنترنت العالي الصبيب. إنها حديقة تعيد تعريف معنى الاستجمام في المدينة الحمراء.

جدول المحتويات
أين تقع هذه الحديقة الاستثنائية؟
تقع حديقة سايبر في موقع محوري داخل مدينة مراكش، على بُعد خطوات معدودة من ساحة جامع الفناء الشهيرة. وتمتد على مساحة تبلغ ثمانية هكتارات، مما يمنحها حضورًا واسعًا في النسيج الحضري للمدينة. يُمكن الوصول إليها بسهولة سواء سيرًا على الأقدام من المدينة القديمة أو عبر وسائل النقل الحديثة، مما يجعلها محطة مثالية للسياح في رحلتهم المراكشية.
حديقة ذات جذور عميقة ورؤية متجددة
ترجع أصول عرصة مولاي عبد السلام إلى القرن الثامن عشر، حين أنشأها السلطان سيدي محمد بن عبد الله، وظلت محتفظة بجمالها الطبيعي حتى يومنا هذا. في بداياتها، كانت عرصة مولاي عبد السلام واحة ملكية غنّاء تعكس أصالة المكان. مع مرور الزمن، وتحديدًا في عام 2003، خضعت حديقة سايبر، أو كما تعرف محليًا بـ عرصة مولاي عبد السلام، لعملية تأهيل واسعة النطاق برعاية الأميرة للا حسناء وبدعم من “اتصالات المغرب”. بفضل هذه المبادرة، تحوّلت العرصة من مساحة تقليدية إلى أول “حديقة إلكترونية” في المملكة، قبل أن يعاد افتتاحها رسميًا في عام 2005 بحلة جديدة تجمع بين الحداثة وروح المكان.

ما الذي يميز تجربة زيارتك لحديقة سايبر؟
حديقة سايبر ليست فقط مساحات خضراء جميلة، بل فضاء تفاعلي مفتوح على التكنولوجيا والثقافة. عند دخولك، تستقبلك أشجار معمّرة تجاوز عمرها المئة عام، تتخللها نوافير وشلالات تضفي هدوءًا شاعريًا على المكان. وبجانب الجمال الطبيعي، تنتشر في أرجاء الحديقة محطات إنترنت متطورة ومناطق واي فاي مجانية، ما يجعلها أول حديقة عامة متصلة كليًا بالإنترنت عالي الصبيب في المغرب.
كما تحتضن الحديقة متحف الاتصالات، وهو قاعة عرض متعددة الوسائط تمكّن الزوار من استكشاف تطور تكنولوجيا المعلومات والاتصال بأسلوب تفاعلي مشوّق. وبين أشجار الحمضيات والنخيل، توجد أيضًا مناطق قراءة هادئة ومقاعد مظللة مريحة تتيح لك الانغماس في كتاب أو لحظة تأمل.
موضوع يستحق القراءة: متعة الاسترخاء والاستكشاف: دليلك لأروع حدائق المغرب
اكتشف نشاطات لا تفوَّت في الحديقة
داخل الحديقة، تنتظرك تجارب متنوعة تناسب كل الأذواق. بدايةً، يمكن لعشاق التكنولوجيا زيارة متحف الاتصالات الذي يأخذك في رحلة تفاعلية عبر مراحل تطور وسائل التواصل. بينما يبحث محبو الطبيعة عن الهدوء، يجدون ملاذهم تحت ظلال الأشجار مع أصوات خرير المياه المنعشة.
مساحة مثالية للعمل والدراسة
الحديقة ليست فقط مكاناً للترفيه، بل توفر بيئة مريحة للعمل أو الدراسة في الهواء الطلق. مع وجود شبكة واي فاي مجانية ومقاعد مريحة، يمكنك تحويل الحديقة إلى مكتب متنقل أو صف دراسي مفتوح، مما يزيد من إنتاجيتك وسط الطبيعة.

فعاليات ترفيهية وأجواء عائلية
للعائلات، هناك مناطق لعب آمنة للأطفال، تتيح لهم الترفيه بحرية. أما هواة التصوير، فيجدون في الحديقة مناظر خلابة تستحق التوثيق. ولا تفوّت العروض والفعاليات الثقافية والفنية التي تقام على مدار السنة، مما يجعل كل زيارة تجربة فريدة.
استرح واستمتع بالمذاق المحلي
في المقاهي والمطاعم المنتشرة داخل الحديقة، يمكنك الاسترخاء والاستمتاع بمشروب بارد أو وجبة خفيفة، مع الاستمتاع بالأجواء الطبيعية الخلابة.
معلومات عملية للسائح
الموقع: تقع الحديقة في حي عرصات مولاي عبد السلام، بالقرب من مركز المدينة وساحة جامع الفناء، ما يسهل الوصول إليها.
ساعات العمل: تفتح الحديقة يوميًا من الثامنة صباحًا حتى السادسة مساءً، مع احتمالية تغيير المواعيد حسب الموسم.
رسوم الدخول: مجانية لجميع الزوار.

لماذا تستحق حديقة سايبر مكانًا في جدول رحلتك؟
لأنها ليست مجرد حديقة، بل تجربة حسية وثقافية وفكرية تجتمع فيها الأبعاد الجمالية بالتقنية الحديثة. إنها المكان الذي يربط الماضي بالحاضر، ويمنحك فسحة من الراحة وسط صخب المدينة. فإذا كنت تزور مراكش، لا تفوت فرصة الجلوس تحت ظلال أشجارها العريقة، أو تصفح الإنترنت من وسط حديقة، أو الغوص في متحف يعرض ذاكرة الاتصال البشري. ببساطة، حديقة سايبر هي تناغم ساحر بين الإنسان والطبيعة والتكنولوجيا في آنٍ معًا.