سوق السكر في عمّان هو أحد أقدم الأسواق الشعبية التي ما زالت تنبض بالحياة في قلب العاصمة. تتقاطع في أزقته الضيقة رائحة التاريخ مع صخب التجارة اليومية، محتفظًا بروحه التراثية وسط تغيرات المدينة. في هذا المقال، سنأخذك في جولة بين ملامح سوق يجسد ذاكرة عمّان الشعبية.
جدول المحتويات
لمحة تاريخية: سوق يتحدى الزمن
يقع سوق السكر في قلب عمّان، بجوار المسجد الحسيني الكبير، وقد بدأ في أواخر الثلاثينات بمحال بسيطة تبيع المواد التموينية والبقوليات والبهارات. مع الوقت، توسّع ليشمل مختلف أنواع السلع، وبرزت فيه أسماء تجارية كبيرة مثل شركة حيدر عرفات ومحلات نور الدين المصري. في تلك الأيام، كان التجار يستخدمون ميزان القبان لوزن أكياس السكر والأرز والقمح، وكانت السلع تباع بالكيلو لا بالتغليف، من الطحينية حتى الزيوت والسمن البلدي. وكان السوق وجهة لتجارة الجملة، قبل أن يتحول تدريجيًا إلى البيع بالتجزئة، محتفظًا بروحه الشعبية وطابعه التراثي رغم تغيّر الزمن.

سبب التسمية
يختلف المؤرخون والتجار القدامى في سبب تسمية السوق بـ “سوق السكر”، فهناك من يرجعه إلى يوسف منصور العساكرية المعروف بلقب “السكر”، وهو مالك الأرض الذي بنى عليها المحال التجارية، بينما يرى آخرون أن الاسم مستمد من طبيعة البضاعة التي كانت تباع فيه، حيث كان السكر من أبرز السلع المتداولة في السوق خلال العقود الماضية.
ملامح السوق
يتميز السوق بأزقته الضيقة ومحاله التقليدية التي تضفي عليه سحرًا خاصًا يعكس الطابع العريق للعاصمة الأردنية. وعلى الرغم من التحديثات العمرانية التي شهدتها عمّان، لا يزال السوق يحافظ على طابعه الشعبي الأصيل، حيث يقصده المتسوقون بحثًا عن المنتجات الغذائية الطازجة بأسعار معقولة.
ومن أبرز العوامل التي أثرت على السوق في العقود الأخيرة:
- التعديلات العمرانية التي طالت شوارع وسط المدينة.
- قلة مواقف السيارات، ممّا جعل الوصول إلى السوق أكثر صعوبة.
- هجرة السكان الأصليين من المناطق المحيطة، وتحول المنازل القديمة إلى مساكن للعمالة الوافدة.

سوق السكّر في شهر رمضان
يزداد السوق حيوية خلال شهر رمضان، حيث تتزين واجهات المحال بالبضائع المصفوفة بعناية، وترش الخضروات الورقية بالماء لتبدو أكثر نضارة. يتردد صدى أصوات التجار وهم ينادون على بضائعهم، فيما يتدفق الزبائن لشراء مستلزمات الإفطار والسحور، مما يخلق أجواءً لا تضاهى من التفاعل الاجتماعي والتجاري.

سوق السكر اليوم: رحلة في الزمن
رغم التغيرات العديدة، لا يزال سوق السكر عنوانًا للحياة الشعبية في عمّان، حيث يلتقي عبق الماضي بروح الحاضر. وبين أزقته الضيقة وأصوات التجار، يشعر الزائر وكأنه يعيش لحظة من تاريخ المدينة. حيث يبقى هذا السوق شاهدًا على تحولات عمّان، ومحطة أساسية لمن يرغب في تجربة أصالة الأسواق القديمة.