ساحة جامع الفنا في مراكش: حين تتكلم الأرض بلغة الحكاية

في قلب المدينة العتيقة لمراكش، وتحت ظلال مئذنة مسجد الكتبية، تنبض الحياة كل يوم في ساحة لا تشبه غيرها. هنا، تتلاقى الحكايات الشعبية مع أصوات الطبول، وتمتزج روائح الطعام برقص الألوان، لتخلق مشهدًا حيًا لا ينسى. إنها ساحة جامع الفنا، القلب النابض لمراكش، وواحدة من أبرز الوجهات التي لا يجب أن تغيب عن جدول زيارتك.

منبع الحكاية: كيف وُلد هذا المكان؟

تعود جذور الساحة إلى القرن الحادي عشر، في عهد الدولة المرابطية، حين تأسست كمجال مفتوح قرب مسجد الكتبية. وسرعان ما تحوّلت إلى ساحة للقاء القوافل واستعراض الجيوش والأسواق.

أما اسمها “الفنا”، فتعددت الروايات حول أصله: فهناك من يرى أنه يشير إلى “الفناء أو الهلاك”، نسبة إلى جامع قديم اندثر، وهناك من يربطه باسم قبيلة استوطنت المكان. لكن الأهم من المعنى هو ما صارت تمثله اليوم: مساحة للفرجة والحياة اليومية النابضة.

ساحةٌ مصنّفة عالميًا

في عام 1985، سجّلتها اليونسكو ضمن قائمة التراث العالمي، ولاحقًا، اعتُبرت أول تعبير شفهي حيّ يصنّف كـ”تراث ثقافي غير مادي للإنسانية”. هذا التقدير العالمي لم يأتِ عبثًا، فالساحة تشكل مسرحًا يوميًا لفن الحكاية، ومرآةً تعكس تراثًا حيًا تناقلته الأجيال شفويًا.

ماذا ينتظرك في ساحة جامع الفنا؟

منذ الصباح وحتى ما بعد المغيب، تتحوّل الساحة إلى عرض حيّ مستمر:

الحكواتيون: اجلس في إحدى الحلقات، واستمع لحكايات مغربية قديمة تُروى بصوت درامي وتعابير آسرة.

مروّضو الأفاعي: عروض مدهشة تجمع بين الجرأة والإيقاع.

الفرق الموسيقية الشعبية: إيقاعات أمازيغية وكناوية تعزف أنغامًا نابضة بالحياة.

نقوش الحناء: نساء يزيّن أيادي الزوار برموز من التراث المغربي.

المأكولات التقليدية: عند الغروب، تتحوّل الساحة إلى مطبخ في الهواء الطلق، تشعل المواقد وتفوح رائحة الطواجن والمشاوي والببوش.

الوجهات السياحية القريبة

جامع الكتبية: مئذنته الشاهقة تطل على الساحة، وتحمل بصمة معمارية أندلسية مهيبة.

الأسواق التقليدية: من هنا تبدأ جولة لا تُنسى بين متاجر التوابل، والحرف اليدوية، والجلابيب، والمجوهرات.

مقاهٍ مطلّة: يمكنك الاستراحة في إحدى المقاهي المطلة على الساحة لمراقبة المشهد من الأعلى.

هل تنوي زيارتها؟ إليك ما تحتاج معرفته

  • أفضل وقت للزيارة: من بعد العصر حتى المساء، حين تبلغ العروض ذروتها.
  • الساحة تقع في قلب المدينة العتيقة، ويمكن الوصول إليها سيرًا.
  • لا تفوّت حلقات الفرجة، فهي جوهر التجربة.
  • التفاعل مع الفنانين يُثري اللحظة ويشجّع على حفظ هذا الإرث.
  • كن يقظًا من النشالين نظرًا للازدحام.
  • المساومة في الأسعار جزء من روح الأسواق المغربية، لا تتردد في تجربتها.

ملخص التجربة

ساحة الفنا هي أكثر من مجرد ساحة. إنها لقاء بين الذاكرة والواقع، بين الفلكلور والمعيش اليومي، حيث تلمس روح المدينة في ضحكات الناس، وألحان الموسيقى، وعطور الطعام. السير فيها يشبه العبور بين الزمنين، حيث يتشابك الماضي مع الحاضر في مشهد فريد لا يمكن تكراره.

اذا اعجبك هذا المقال ، لا تتردد في مشاركته مع اصدقائك!