جامع محمد عبد الوهاب: درة العمارة الإسلامية في قطر

في قلب العاصمة القطرية، ينهض جامع محمد عبد الوهاب شامخًا فوق تل في منطقة الجبيلات، كأنه يحرس مدينة الدوحة من علٍ. لا يعتبر هذا الجامع مجرد مكان للعبادة، بل صرحًا معماريًا وروحيًا متكاملًا. يجمع بين جماليات الفن الإسلامي ودفء الهوية القطرية، ليمنح زائره تجربة غنية بالسكينة والثقافة.

لماذا يحمل هذا المسجد اسم الإمام محمد بن عبد الوهاب؟

يحمل الجامع اسم الإمام محمد بن عبد الوهاب. وهو أحد أبرز أعلام الإصلاح الديني في الجزيرة العربية في القرن الثامن عشر، تقديرًا لإسهاماته في إحياء التعاليم الإسلامية. وقد افتُتح الجامع رسميًا في 21 محرم 1433هـ، الموافق 16 ديسمبر 2011. اصبح الجامع منذ ذلك الحين أكبر وأهم المساجد في قطر، ومعلمًا يقصده الناس من مختلف أنحاء العالم لأداء الصلاة أو استكشاف الجمال المعماري الفريد.

موقع استراتيجي ومساحة هائلة

يقع جامع الإمام محمد عبد الوهاب في منطقة الجبيلات شمال وسط الدوحة. وتبلغ مساحته الإجمالية أكثر من 175 ألف متر مربع، منها نحو 27,644 مترًا مربعًا مسقوفة، وتمتد المساحات الخضراء والمرافق حوله. كما تطل واجهته الغربية على نادي قطر الرياضي. ويضم مواقف مكشوفة ومغطاة تتسع لـ347 سيارة، ومبنى للخدمات، وحدائق تزيينية تضفي على المكان طابعًا هادئًا ومنعشًا.

تصميم معماري يجمع بين الأصالة والحداثة

يستوحي جامع محمد بن عبد الوهاب عناصره من الطراز القطري التقليدي. ويستند تحديدًا إلى تصميم مسجد القبيب، الذي بناه الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني قبل أكثر من قرن. رغم ذلك، أضفى التصميم الحديث على الجامع لمسات معمارية متقنة تُبرز روعة البناء وتفاصيله.

  • القِباب والمئذنة: يتكوّن الجامع من 93 قبة متدرجة الأحجام، منها 28 قبة كبيرة تعلو قاعة الصلاة الرئيسية، و65 قبة صغيرة تغطي الممرات الخارجية، إلى جانب مئذنة واحدة شامخة تعلن الأذان بصوت يملأ الأفق.
  • بُني الجامع بالحجر الرملي، مما يمنحه مظهرًا دافئًا وأصيلًا. أما الجدران الداخلية فتُكسى بالرخام الأبيض حتى ارتفاع أربعة أمتار، وذلك للمساعدة في امتصاص الصدى. وتُزيّن المسجد زخارف إسلامية بديعة، إلى جانب نقوش هندسية ونباتية تعكس فخامة العمارة الإسلامية.
  • الإضاءة والتبريد: تستغل النوافذ الواسعة الإضاءة الطبيعية نهارًا، فيما تضفي الثريات الفاخرة والفوانيس التقليدية جوًا روحانيًا ليلًا. أما الأرضيات الرخامية المبرَّدة فتضمن راحة المصلين حتى في أشد أيام الصيف حرارة، مع وجود ممرات مظللة بالقِباب الصغيرة لتأمين الظل.

كيف تبدو التجربة داخل الجامع؟

عند دخولك إلى جامع الإمام محمد عبد الوهاب ، يستقبلك فضاء رحب يبعث على الخشوع والطمأنينة. تتسع القاعة الرئيسية المكيّفة لنحو 11,000 مصلٍ، فيما تستوعب الصالة المخصصة للنساء 1,200 مصلية. وفي ساحات الجامع وصحنه الأمامي، يمكن لما يصل إلى 30,000 شخص أداء الصلاة في آنٍ واحد. تتوزع صالات وضوء وحمامات للرجال والسيدات وذوي الاحتياجات الخاصة في الطابق الأرضي والقبو. و يضم الطابق العلوي مكتبة، وصالتيْن لتحفيظ القرآن الكريم، ومكانًا إضافيًا لصلاة الرجال والسيدات.

الأنشطة التي يمكنك ممارستها

  • استكشاف العمارة الإسلامية: تعد زيارة هذا الجامع فرصة فريدة للتعرف على تفاصيل الفن الإسلامي وتقدير جمالياته، من خلال القباب والنقوش والمآذن الرشيقة.
  • المشاركة في الفعاليات الثقافية: يقام في الجامع على مدار العام العديد من الدروس الدينية والبرامج الثقافية والتعليمية التي تستهدف مختلف الفئات، ما يضفي على المكان طابعًا حيًا نابضًا بالعلم والإيمان.
  • زيارة المكتبة ومركز المعلومات: يضم الجامع ثلاث مكتبات وقاعات خاصة تقدم مصادر متنوعة حول الإسلام، تتيح للزوار المسلمين وغير المسلمين فهمًا أعمق للثقافة الإسلامية.
  • الجولات التعريفية: في بعض الأحيان، تنظم جولات بإشراف مرشدين مؤهلين لشرح تاريخ الجامع وتصميمه وأبعاده الثقافية والدينية. ينصح بالتأكد من توفر هذه الجولات مسبقًا.

معلومات تهم السائح

  • الزي المناسب: يرجى ارتداء ملابس محتشمة تغطي الأكتاف والركبتين، مع ارتداء الحجاب للنساء عند الدخول.
  • أوقات الزيارة: يفضل زيارة الجامع خارج أوقات الصلاة للاستمتاع بهدوء المكان وتفاصيله المعمارية، كما ينصح بالاطلاع على مواعيد الصلاة لتفادي الازدحام.
  • التصوير: يسمح بالتصوير الخارجي في الساحات، وقد تفرض قيود على التصوير داخل قاعة الصلاة، لذا يرجى احترام الإرشادات المعلنة في الموقع.
  • الوصول: يمكن الوصول بسهولة إلى الجامع باستخدام وسائل النقل العامة أو بالسيارة الخاصة، مع توفر مواقف مريحة للزوار.

انعكاس حيّ لقيم الجمال والروحانية

جامع محمد عبد الوهاب ليس مجرد مبنى عظيم يحتضن آلاف المصلين، بل هو انعكاس حيّ لقيم الجمال والروحانية والمعرفة. سواء كنت تزور قطر لأول مرة أو كنت من سكانها، فإن الوقوف أمام هذا الصرح، والتجول بين أروقته، يمنحك لحظة تأمل ودهشة لا تنسى. إنه المكان الذي تلتقي فيه السماء بالأرض، وتتناغم فيه الأصالة مع الحداثة، والسكينة مع الإبداع.

اذا اعجبك هذا المقال ، لا تتردد في مشاركته مع اصدقائك!