جدول المحتويات
جامع الزيتونة .. صرح علمي و ديني في افريقيا
جامع الزيتونة هو صرح علمي ضخم ظل يمد المسلمين بالعلوم والثقافة ويحافظ على التراث الإسلامي والعربي للمغرب العربي، فما هو جامع الزيتونة وما هي أهميته التاريخية ودوره في نشر العلوم الإسلامية؟ هذا ما سنتعرف عليه في مقال اليوم.
جامع الزيتونة هو ثاني جامع بني في إفريقيا بعد جامع عقبة بن نافع . ويعد واحدًا من أهم المساجد في قارة إفريقيا .فهو ليس مسجدًا فقط بل إنه بمثابة معهدٍ ديني هام يتنافس مع غيره من المساجد بالعالم العربي كمسجد القروويين والجامع الأزهر في نشر العلوم الإسلامية وتعاليمها لكل راغبي العلم والمعرفة بالعالم.
لقد أصبح هذا الجامع ينافس جامع القيروان بعدما أصبحت تونس هي العاصمة . وأخذ يعلو إسمه ويقبل الناس إليه حتى أصبح منارة ومركزًا للعلم والدين والثقافة في تونس وإفريقيا.
أين يقع جامع الزيتونة في تونس؟
يقع مسجد الزيتونة في العاصمة وهي مدينة تونس، واختلف العلماء في موعد بنائه ولكن ترجح الدراسات أن بنائه قد بدأ عام 79 هـ على يد المهندس حسان بن النعمان، ثم جاء عبد الله بن الحبحاب عام 116 هـ وأكمل بنائه.
وقد أثبتت الوثائق التاريخية أن المسجد بني على بقايا كاتدرائية مسيحية ترجع للرومان، وقد أعيد بنائه مرة أخرى في عصر الأغالبة عام 248 هـ/ 863 م في حكم زيادة الله بن الأغلب.
نظام التعليم بجامع الزيتونة
لم يكن مسجد الزيتونة مكاناً للعبادة فحسب ، بل إن أمراء تونس اهتموا بإلحاق الطلاب به للدراسة وأقروا أنظمة تعليمية داخل الجامع حتى صار مسجدًا ومدرسة في آنٍ واحد.
فعلى سبيل المثال قام أمير تونس أحمد باشا عام 1258 بإصدار مرسومٍ بنظام تعليمي خاص بالجامع . وهو اختيار 15 عالم من المذهب المالكي ومثلهم من المذهب الحنفي ليقوموا بالتدريس طوال أيام الأسبوع داخل الجامع ما عدا يومي الخميس والجمعة.
وفي عصر الأمير محمد صادق باي وضعت المناهج وصار الوزير يشرف بنفسه على عملية التعليم داخل جامع الزيتونة .وبدأت الدراسة بالجامع أكثر تنظيمًا ومنهجية منذ ذلك الحين .
اقرأ ايضاً :
إشكل التونسية .. محميّة اليونسكو الساحرة ..
ومع مرور الوقت تعددت العلوم التي تدرس بالجامع . وأصبح منها التفسير والحديث وأصول الدين واللغة العربية والنحو، والشريعة والقراءات والفقه والسير، والبيان والعروض . و التاريخ والجغرافيا والمنطق، والهندسة والحساب والمساحة كذلك.
وكان التدريس بالجامع على يد نخبة من المعلمين المتخرجين من نفس المعهد . أما المعلمين الذين كانوا يأتون من خارج جامع الزيتونة فكانوا ينتظرون موافقة الدولة ومشايخ المسجد على التدريس داخل الجامع.
وعلى مر التاريخ كان لهذا الجامع دور كبير في تزعم الحركات الإصلاحية بتونس . خاصة في القرن الـ 19 الذي قاد فيه خير الدين التونسي مهمة اصلاح التعليم بجامعة الزيتونة . كما أضاف ألفي مخطوطًا من ملكيته الخاصة إلى مكتبة جامع الزيتونة.
الطراز المعماري
يتكون المسجد من قاعة للصلاة مستطيلة الشكل ويتقدمها فناء واسع يحيط به أربع أروقة . كما يحتوي على برجين للمراقبة بالجهة الشمالية الشرقية والأخرى بالجهة الجنوبية الشرقية.
ويتميز بقبة مثمنة بنيت على قاعدة مربعة ومغطاة بعوارض خشبية من الخارج . وبها كتابات كوفية ونقوش كثيرة من الداخل ترجع للخليفة العباسي المستعين بالله، ويحيط بها من الداخل المشكاوات والثريات ذات الطابع العربي.
كما أن للجامع مئذنة ضخمة بالزاوية الشمالية الجنوبية يصل طولها إلى 43 متر. و له اثنى عشر باب من خشب الساج وتتميز بزخرفتها العربية الأصيلة.
يبرز بالجامع الطابع العربي والإسلامي والطابع المغربي بشكل خاص من خلال الكتابات المكتوبة بالخط المغربي المستخدم في الزخارف الجصية والأخشاب.
على مر التاريخ العربي والاسلامي كانت الجوامع هي الحصن المنيع الذي يقوم بحماية الهوية الإسلامية والعربية . ويحارب كل الأفكار الغريبة التي يتعرض لها المسلمون في كثير من الأحيان . ويعمل على نشر الثقافة الإسلامية للمسلمين وغير المسلمين، وكان جامع الزيتونة بتونس خير مثال على ذلك.