جدول المحتويات
موقع استراتيجي يروي حكايات الزمن
يقف باب الفتوح شامخًا في الجهة الجنوبية الشرقية من فاس البالي، كإحدى أهم بوابات المدينة التاريخية وأكثرها شهرة. ومن موقعه الحيوي هذا، يشكّل مدخلًا رئيسيًا إلى قلب المدينة القديمة. وينفتح على الطريق المؤدية إلى سيدي حرازم والمناطق الشرقية للمغرب، ممّا جعله عبر العصور معبرًا حيويًا للمسافرين والتجار وقوافل التجارة.
ما سر تسمية باب الفتوح؟
يرتبط هذا الباب العريق باسم الأمير الزناتي الفتوح بن دوناس. وهو أحد سلاطين دولة مغراوة الأمازيغية في المغرب الأقصى خلال القرن الحادي عشر الميلادي. وقد خلد اسمه من خلال هذه البوابة التي شيّدت على يده لتكون منفذًا للمدينة، قبل أن تشهد لاحقًا عدة مراحل من الترميم والتطوير، خاصة في عهد الدولة الموحدية خلال القرنين الثاني عشر والثالث عشر، حيث أعيد بناء أسوار المدينة وأبوابها لتعزيز دفاعاتها.

معمار فريد يحكي روعة الفن الإسلامي المغربي
يتجلى في تصميم باب الفتوح مزيجٌ آسر من البساطة والفخامة. يتكوّن الباب من قوس ضخم يسمح بالمرور المباشر دون تعرجات، ما يعكس عبقرية المعماريين المغاربة في تكييف العمارة مع حاجات المدينة الدفاعية والتجارية. كما تحيط به أبراج مستطيلة تعزز من مظهره الدفاعي، ويعد من أكبر وأبرز أبواب فاس.
أما الزخارف الجصية والنقوش الهندسية والنباتية التي تزين القوس، فهي شاهد على إبداع الحرفيين المغاربة، إذ تتناغم تفاصيلها مع أصالة الفن الإسلامي المغربي. وتحكي بفخر قصة براعة الصناع التقليديين الذين شيّدوا هذا الصرح الخالد.
لماذا يعد باب الفتوح وجهة لا تفوّت للسائح؟
باب الفتوح ليس مجرد بوابة حجرية بل معلم تاريخي وأثري ينبض بالحياة، ويجسّد قدرة الفنانين والمعلمين المغاربة على مواكبة التحولات التاريخية دون التفريط بأصالة العمارة. ومن هنا، بات الباب جزءًا من الذاكرة الحية لفاس، وواحدًا من أبرز المعالم المُدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو.
إلى جواره، تتوزع معالم لا تقل أهمية، مثل مقبرة باب الفتوح التي تقع خارج البوابة وتغطي مساحة واسعة على منحدر باتجاه الجنوب. وتعد من أكبر وأهم مقابر فاس، حيث تضم قبور شخصيات بارزة وأولياء صالحين. كما تبرز قصبة تمديرت العتيقة، شاهدةً على تاريخ المدينة العسكري والمدني.

ما الذي ينتظر الزائر عند عبور باب الفتوح اليوم؟
تحوّل باب الفتوح اليوم إلى مركز نابض بالحياة، إذ تمر عبره الطرق المؤدية إلى المناطق الشرقية وتازة، ما يجعله نقطة انطلاق مثالية لاكتشاف المدينة وأسواقها العتيقة وأزقتها الضيقة التي تحكي نبض الحياة اليومية في فاس.
أنشطة لا تفوّت عند زيارة باب الفتوح
- استكشاف الأزقة والأسواق التقليدية المحيطة بالباب، حيث تفوح روائح التوابل وتلمع الحِرف اليدوية.
- زيارة مقبرة باب الفتوح والتعرف على تاريخ فاس الروحي من خلال الأضرحة والمقامات المنتشرة فيها.
- التقاط الصور التذكارية أمام البوابة في أوقات الصباح الباكر أو قبل غروب الشمس، حيث يضفي الضوء الطبيعي جمالًا خاصًا على المكان.
- زيارة قصبة تمديرت القريبة، والتجول بين أروقتها العتيقة التي تختزل صفحات من التاريخ العسكري لفاس.

نافذة تطل على نافذة المدينة
باب الفتوح في فاس أكثر من مجرد معبر حجري؛ إنه نافذة تطل على تاريخ المدينة العريق وروعة العمارة المغربية الأصيلة. زيارته رحلة عبر الزمن، ووقوف عند بوابة تحرس ذاكرة فاس، مدينة الأسرار وسحر الماضي والحاضر.
نقترح لك ايضاً: ستي فاطمة والشلالات السبع: جنة الأطلس وسحر لا يُنسى


