المتحف الوطني الأردني للفنون الجميلة: بوابة الإبداع في قلب عمّان

وسط أزقة جبل اللويبدة، حيث تمتزج أصالة المكان بروح الحداثة، يقف المتحف الوطني الأردني للفنون الجميلة شاهدًا على الحراك الفني والثقافي في الأردن والعالم العربي. منذ تأسيسه عام 1980 على يد الجمعية الملكية للفنون الجميلة، أصبح هذا الصرح نافذة تطل منها الإبداعات المعاصرة، وملتقى يربط الشرق بالغرب، والشمال بالجنوب عبر أكثر من 3000 عمل فني تمثل مختلف المدارس والأساليب.

متحف يتخطى الحدود

يضم المتحف واحدة من أكثر المجموعات تنوعًا في المنطقة، حيث تحتضن جدرانه لوحات ورسومات، وأعمال نحت وخزف وسيراميك، إضافة إلى التصوير الفوتوغرافي وفن الفيديو. هذه المجموعة الدائمة لا تقتصر على الأردن والعالم العربي، بل تمتد لتشمل إبداعات من آسيا، أوروبا، إفريقيا، أمريكا اللاتينية، وأستراليا، ما يجعل المتحف مساحة للحوار البصري بين ثقافات العالم المختلفة.

مجمع فني متكامل

يتألف المتحف الوطني الأردني للفنون الجميلة من أربعة مبانٍ وحديقة، تشكّل معًا تجربة متكاملة تجمع بين الفن والترفيه والاسترخاء:

  • المبنى الأول: يمتد على أربعة طوابق مخصصة للمجموعة الدائمة وبعض المعارض الزائرة، إضافة إلى مكاتب الإدارة والاستعلامات.
  • المبنى الثاني: يضم أيضًا مجموعة دائمة من الأعمال الفنية. و كذلك مكتبة متخصصة في الفنون الجميلة والتصميم والعمارة. بالاضافة إلى متجر للهدايا يتيح للزوار اقتناء كتب ومنشورات فنية ومنتجات يدوية بتوقيع فنانين أردنيين.
  • المبنى الثالث: يحتضن إقامات فنية تمنح الفنانين فرصة للإبداع والتجريب.
  • الحديقة: أكثر من مجرد مساحة خضراء، فهي تحفة فنية بحد ذاتها، حيث تضم منحوتات فنية ومسرحًا خارجيًا، إلى جانب ملعب للأطفال ومطعم يوفر أجواءً هادئة بين ظلال الطبيعة. وقد حازت الحديقة على الجائزة الذهبية العالمية في الاستدامة عام 2016 ، تقديرًا لكونها نموذجًا لحدائق الندرة المائية.

معارض محلية وعالمية

على مدار العقود الماضية، شكّل المتحف الوطني الأردني للفنون الجميلة جسرًا بين الأردن والعالم، إذ شارك في معارض دولية في أوروبا، آسيا، الولايات المتحدة، كندا، وأستراليا، مستعرضًا جوانب غنية من الفن العربي والعالمي. كما استضاف المتحف معارض متنوعة، من الفن التشكيلي إلى الفنون البصرية الحديثة، مما جعله نقطة التقاء للفنانين ومحبي الفن من مختلف الخلفيات.

المتحف المتنقل: الفن إلى كل زاوية

لم يكتفِ المتحف بجدرانه، بل أطلق في عام 2009 مشروع المتحف المتنقل. وهو صالة عرض فنية متنقلة داخل شاحنة تجوب المدن والقرى الأردنية، حاملة معها الفن إلى المدارس والمراكز الثقافية والشبابية. يتخلل هذه الجولات عروض فنية وورش عمل تفاعلية، ممّا يعزز الوعي الفني لدى المجتمع بمختلف فئاته.

منصة “مصنع”: فضاء للإبداع التشاركي

في عام 2018، أطلق المتحف منصة “مصنع”. التي تستهدف دعم الطاقات الشابة وتعزيز الإبداع الجماعي من خلال برامج للإقامات الفنية، وفنون الأماكن العامة. و كذلك ورش عمل تشمل الفنون التشكيلية، الموسيقى، المسرح، الأدب، والرقص المعاصر. إنها مساحة تجريبية مفتوحة للتفاعل الفني والثقافي، مما يجعلها نموذجًا حديثًا للابتكار في عالم الفنون.

أكثر من متحف .. نافذة على العالم

لا يقتصر دور المتحف الوطني الأردني للفنون الجميلة على عرض الأعمال الفنية فحسب، بل يمتد ليكون منبرًا ثقافيًا عبر تنظيم ندوات ومحاضرات . الى جانب عروض الافلام ضمن نادي الحوار الفني، إلى جانب إصدار كتب متخصصة في الفنون التقليدية والمعاصرة. كما يحتوي أرشيفه الإلكتروني على قاعدة بيانات شاملة عن جميع الفنانين وأعمالهم، ما يجعله مرجعًا مهمًا للباحثين وعشاق الفنون.

زيارة تمنحك رؤية جديدة

في كل زاوية من هذا المتحف، هناك قصة تُروى، ولوحة تحمل بصمة إبداعية خالدة. إنه ليس مجرد معرض للفنون، بل رحلة بصرية وفكرية تأخذك إلى عوالم مختلفة، حيث يصبح الفن لغة عالمية تتجاوز الحدود.

اذا اعجبك هذا المقال ، لا تتردد في مشاركته مع اصدقائك!