متحف مراكش الأثري: حيث تلتقي الروح المغربية بالفن الخالد

في قلب المدينة العتيقة، وبين أزقتها المتعرجة وأبوابها العتيقة، يختبئ أحد جواهر مراكش الثقافية: متحف مراكش الأثري . ليس مجرد متحف تقليدي، بل تجربة متكاملة تنقلك من حضارة إلى أخرى، وتفتح أمامك نوافذ على تاريخ غني وفنون تتجاوز حدود الزمن.

قصر “دار منبهي”: من مقر وزاري إلى منارة ثقافية

 وسط أزقة المدينة القديمة، يقف قصر “دار منبهي” شامخًا بشموخ تاريخه. شيّده المهدي المنبهي، وزير الدفاع في عهد السلطان مولاي عبد العزيز، أواخر القرن التاسع عشر، ليكون عنوانًا للفخامة والرقي. يتألق القصر بجماله المغربي الأندلسي، حيث تنساب النوافير الرخامية وسط الفناء، وتزدان الجدران بزخارف جصية متقنة، وأعمال خشبية محفورة بدقة تثير الإعجاب. وبعد مرور سنوات من الإهمال، أعادت مؤسسة عمر بنجلون ترميمه بعناية، ليُفتح من جديد عام 1997، لا كقصر فقط، بل أيضا كمنارة ثقافية تنبض بروح الفن المغربي وتراثه العريق.

كيف تصل إلى المتحف؟

الوصول إلى متحف مراكش مغامرة بحد ذاتها. بين أزقة المدينة القديمة وعبق التاريخ، يقودك الطريق إلى ساحة سيدي عبد العزيز، على مقربة من مدرسة بن يوسف الدينية، وساحة جامع الفنا. قربه من معالم كقصر أكفاي ودار بلارج يجعله محطة لا يمكن تجاهلها أثناء التجوال في المدينة الحمراء.

ماذا ينتظرك داخل جدران المتحف؟

فور عبورك بوابة القصر، تبدأ الرحلة. فناء داخلي يتوسطه نافورة تنبض بالسكينة، وتعلوه ثريا ضخمة تنعكس أضواؤها على الزليج المغربي الملون. تتوزع الغرف حول هذا الفناء، تمامًا كما هو الحال في الطراز المغربي التقليدي.

قد يعجبك ايضاً : متحف بيير بيرجي للفنون الأمازيغية في مراكش: حكاية شعب تُروى من جديد

جولة بين الفنون: معروضات تأسر العين والقلب

متحف مراكش الأثري يضم تشكيلة فنية غنية ومتنوعة:

  • الفنون التقليدية: قطع نادرة من السجاد البربري المزخرف، وخزف فاسي وأمازيغي بألوانه الزاهية، وأزياء مطرزة بخيوط الذهب، وأدوات موسيقية تقليدية تحكي تراثًا موسيقيًا ضاربًا في القدم.
  • الفنون المعاصرة: معارض دورية تسلط الضوء على إبداعات الفنانين المغاربة المعاصرين، في مجالات متعددة كالرسم، النحت، التصوير الفوتوغرافي، والفن التركيبي.
  • المجوهرات والحلي: قطع ثمينة مصنوعة يدويًا من الذهب والفضة، وأحجار كريمة تعكس الذوق المغربي الرفيع والبعد الاجتماعي في زينة النساء.
  • الأعمال الخشبية: أبواب، نوافذ، منابر، كلها مزخرفة بنقوش دقيقة تبهر النظر وتعكس عراقة فن النجارة المغربي.
  • الأسلحة التقليدية: سيوف وخناجر وبنادق مزينة تعكس جوانب من تاريخ القتال والدفاع المحلي.

ما أبرز الأماكن التي يجب ألا تفوتك داخل المتحف؟

  • الفناء الداخلي: قلب القصر النابض، تحفه الزخارف الجصية والنوافير، ويوفر مكانًا مثاليًا للاسترخاء قبل بدء جولتك.
  • قاعة المعارض المؤقتة: تجد فيها جديد الفن المغربي والعالمي عبر عروض تتغير على مدار العام.
  • شرفة القصر: من هنا، تمتد عيناك على المدينة القديمة، وترى أسطح المنازل المتراصة وسلسلة جبال الأطلس البعيدة.
  • المقهى والمتجر: بعد جولتك، بإمكانك الجلوس في المقهى الهادئ أو اقتناء تذكار فني من المتجر المخصص لنسخ الحرف اليدوية والكتب الفنية.

مواعيد الزيارة و رسوم الدخول

تختلف رسوم الدخول باختلاف الفئة (بالغون، طلاب، مجموعات) ، ينصح بالتأكد من الصفحات الرسمية منها لأنها عرضة للتحديث. أما بخصوص مواعيد الزيارة فينصح بالتأكد من الصفحات الرسمية قبل الذهاب، لتفادي التغييرات في الجداول أو الإغلاقات المؤقتة.

خدمات المتحف للزوار

يوفر متحف مراكش الأثري جولات ارشادية ويحتوي على متجر للهدايا، ومقهى، وشرفة للتصوير والاستراحة.

ليس مجرد متحف… بل بوابة إلى تاريخ المغرب

زيارة متحف مراكش ليست نزهة عابرة، بل عبور إلى قلب حضارة حيّة تنبض بين الزليج والخشب، بين الألوان والموسيقى، بين قصص القصور وقاعات الفن. إنه مكان يحتضن ماضي مراكش بروح معاصرة، ويدعوك لتكون جزءًا من حكايتها المتواصلة.

اذا اعجبك هذا المقال ، لا تتردد في مشاركته مع اصدقائك!