في قلب العاصمة المنامة، وعلى شبه جزيرة صناعية تطل بسحرها على جزيرة المحرق، ينتصب متحف البحرين الوطني شامخًا كأحد أبرز الصروح الثقافية في الخليج العربي. منذ افتتاحه الرسمي في 15 ديسمبر 1988، وهو يجسّد نافذة تطل منها البحرين على العالم، حاملةً إرثًا يمتد لأكثر من ستة آلاف عام من التاريخ، والحضارة، والهوية.

جدول المحتويات
موقع استراتيجي وتصميم مميز
يمتاز المتحف بموقع استثنائي على الكورنيش الشرقي للعاصمة، قرب شارع الملك فيصل السريع وجسر الشيخ حمد، ما يمنحه إطلالة بانورامية آسرة على البحر. وقد تم تصميمه بأسلوب نحتي ضخم يوحي بالعراقة والفخامة، حيث تتزين واجهاته بالحجر الطبيعي الأبيض وتطل على بحيرة صناعية تبعث في النفس طمأنينة وجمالًا. يتكوّن المجمع من مبنيين مترابطين: أحدهما مخصص للزوار ويضم صالات العرض والمرافق العامة، والثاني إداري يحتوي على مختبرات الترميم، ومستودعات المقتنيات، وأماكن البحث العلمي.

ما الذي ينتظرك داخل هذه التحفة المعمارية؟
منذ لحظة دخولك، يأسرك المكان بتصميمه الداخلي المتناغم مع روح الحضارة البحرينية، لتبدأ رحلة عبر تسع قاعات دائمة تعرض التاريخ بأبعاده المختلفة. بالإضافة إلى ذلك، يضم المتحف قاعات مؤقتة يتم تحديثها على مدار العام، وتُعرض جميع المقتنيات بأسلوب تفاعلي حديث يتيح للزوار استكشاف التفاصيل بسهولة من خلال شاشات رقمية وعروض مرئية غنية بالمحتوى.

قاعات متحف البحرين الوطني
- قاعة المدافن: هنا تبدأ الرحلة من أعماق التاريخ. حيث تعرض قبور حقيقية نقلت بعناية من الصحراء وتمت إعادة تجميعها داخل المتحف، لتروي قصة ممارسات الدفن في حضارة دلمون.
- قاعة دلمون: تستعرض هذه القاعة حضارة دلمون التي ازدهرت بين 5000 ق.م. و400 ق.م.، وتعرض أختامًا نادرة، وفخارًا دلمونيًا، وكنوزًا أكتشفت في معابد باربار وسار. هذا بالإضافة إلى لوحة مدهشة تُجسد مشهدًا من ملحمة جلجامش التي اعتبرت دلمون جنةً أرضية.
- قاعة تايلوس والإسلام: تنقلك هذه القاعة إلى زمن الإغريق ثم الإسلام، حيث تعرض نقوش، وقطع فخار مزجج، ومخطوطات قرآنية، وأعمال فنية تجسد تحوّلات البحرين التاريخية والدينية.
- قاعة الوثائق والمخطوطات: من أروع الكنوز المعروضة هنا نسخ نادرة من القرآن الكريم، ووثائق ورسائل تاريخية تسلط الضوء على البعد الثقافي والمعرفي للبحرين.
- قاعة العادات والتقاليد: هذه القاعة تنبض بالحياة، إذ تكشف للزائر كيف عاش البحرينيون قبل النفط، من الطفولة حتى الزواج، مرورًا بالطب الشعبي، والملابس التقليدية، والألعاب التراثية.
- قاعة الحرف والصناعات التقليديّة: تضم هذه القاعة إعادة تشكيل لسوق شعبي بحريني. كما تعرض فيها فنون النسيج، وصناعة الفخار، والمجوهرات، والحِرَف اليدوية التي حافظت على روح التراث البحريني.
- قاعة الفنون الجميلة: تحتفي بالإبداع المعاصر، وتعرض أعمالًا لفنانين بحرينيين بارزين. وتعد منصة للمعارض المؤقتة التي تكشف تطورات المشهد الفني المحلي.
- قاعة التاريخ الطبيعي: هنا تكتشف تنوع البيئة البحرينية، من النباتات والحيوانات البرية والبحرية، إلى الجيولوجيا والتكوين الطبيعي للأرخبيل.

هل المتحف مناسب للعائلات والأطفال؟
بكل تأكيد. المتحف لا يقتصر على العروض التقليدية فحسب، بل يقدم تجارب تعليمية تفاعلية تثري فهم الأطفال وتثير فضولهم. كما يُنظّم ورش عمل، وعروضًا مرئية، وبرامج تعليمية مخصصة لمختلف الأعمار، ممّا يجعله خيارًا مثاليًا للعائلات الباحثة عن متعة تجمع بين المعرفة والترفيه.

لماذا ينبغي أن تدرجه في جدول رحلتك؟
زيارة متحف البحرين الوطني ليست مجرد جولة ثقافية، بل تجربة متكاملة تترك أثرًا في القلب والعقل. فهو يُقدّم لك:
- رؤية بانورامية للتاريخ البحريني عبر آلاف السنين.
- كنوز أثرية فريدة لا تقدَّر بثمن، لا سيما من حضارة دلمون الأسطورية.
- تعريفًا معمّقًا بثقافة المجتمع البحريني من خلال عاداتهم وحرفهم.
- فرصة لاكتشاف الفن البحريني المعاصر، والتعرّف على إبداعات أبناء هذه الأرض.
- بيئة تعليمية وترفيهية في آن واحد، تجعل من المتحف محطة مثالية لكل أفراد العائلة.

المرافق والخدمات
لراحة الزوار، يضم متحف البحرين الوطني مقهى بإطلالة على البحيرة، ومتجر هدايا يوفّر تذكارات مستوحاة من المعروضات. إضافة إلى قاعة محاضرات تستضيف فعاليات ثقافية دورية، كما توجد مواقف سيارات واسعة وخدمات لذوي الاحتياجات الخاصة.
معلومات تهم السائح
الموقع: كورنيش المنامة الشرقي – مملكة البحرين.
ساعات العمل: ينصح بالاطلاع على الموقع الرسمي للحصول على آخر التحديثات.
رسوم الدخول: رمزية وفي متناول الجميع.

متحف البحرين الوطني .. ذاكرة وطن
متحف البحرين الوطني ليس مجرد مبنى يحفظ الآثار، بل هو ذاكرة وطن، ومسرح زمني يعرض فصولًا من تاريخ مملكة عريقة. في أروقته، لا تكتشف فقط البحرين، بل تغادر محملًا بثراء معرفي وإنساني يصعب نسيانه.
